السيد عبدالملك الحوثي في المحاضرة الرمضانية الـ22: ذكر الله من أهم العبادات ومع الذكر باللسان ينبغي أن يكون هناك توجّـه من قلب الإنسان وفي نفسه نحو الله سبحانه وتعالى

من نعم الله على عباده أن أذن لهم في أن يتحدثوا ويتخاطبوا إليه، لكن من موقعهم كعبيد لله سبحانه وتعالى

أنواع الذكر كثيرة، لكن في مجملها تذكر الله وتتحدث إلى الله الذي يسمعك في كُـلّ الأحوال وهو القائل في كتابه الكريم {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} عندما تذكره هو يذكرك برحمته ورعايته الواسعة وفضله العظيم

الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نذكر الله في كُـلّ أمورنا، في حالة الاستحسان وفي حالة النعمة وفي حالة الغم والحزن والمصيبة وعند الضيق والخطر وَفيما تعزم على عمله في المستقبل

من الأذكار المهمة في مواجهة الإرجاف “حسبنا الله ونعم الوكيل”، وَمن الأذكار المهمة “لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم” عند الحزن والضيق والصعوبات، وهو من أهم الاذكار التي ورد فيها ترغيب من رسول الله

من الأمور التي تذكر الله فيها في أي مكان أنت مسافر أَو جلست في مكان معين في الجبهة مثلاً تقول: “أعوذ بالله من الكلمات التامات من شر ما خلق”.

في الاستعاذة بالله من الشياطين وحضورهم ووساوسهم {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ}

 

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنت السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنت التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات:                                      السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه.

نواصل الحديث عن النعمة الإلهية الكبيرة، التي أنعم الله بها علينا نحن البشر: نعمة البيان والنطق باللسان، وما يتبع ذلك من الكتابة، هذه النعمة العظيمة، التي لها تأثير واسعٌ في حياة الإنسان، وفي كُـلّ شؤون حياته، في كُـلّ المجالات، ولها أهميتها الكبيرة، وأثرها الكبير في واقع الحياة.

تحدثنا عن سعة هذه النعمة، وعن المسؤولية فيها، بقدر ما لها من أهميّة، وتأثير، ودور كبير في حياة الإنسان، ما يرتبط بها من المسؤولية، ومن القيم.

ونتحدث في هذه المحاضرة عن: بعضٍ من مجالات الاستخدام الصحيح لهذه النعمة، الاستخدام الذي يفيد الإنسان وينفعه، والذي له أثره الإيجابي في نفسه وفي حياته.

هذه النعمة العظيمة، من أهم مجالات الاستخدام لها، والاستفادة منها: هو في العلاقة مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في التحدث مع الله، أن تستخدم هذه النعمة (نعمة النطق، نعمة البيان) في علاقتك مع الله “جَلَّ شَأنُهُ”، لتحدثه بها، وتتخاطب معه بها، من موقع عبوديتك لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فتذكره، تتوجّـه إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بالذكر، بأنواع الذكر، ذات الأهميّة الكبيرة، والذكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو من الأنواع المهمة للاستخدام المفيد لهذه النعمة، ومن العناوين الأَسَاسية في العبادة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ومن أهم ما يحتاج إليه الإنسان، من الاحتياجات الأَسَاسية الكبيرة للإنسان.

من نعمة الله، ومن فضله، ومن أعظم مظاهر رحمته بعباده، أن أذن لهم في أن يتحدثوا إليه، في أن يتخاطبوا معه، في أن يتكلموا معه وإليه، ولكن من موقعهم كعبيد لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يتوجّـهون إليه بالذكر له، بأنواع الذكر، والذكر هو أنواع كثيرة، منها:

  • الذكر لله بالصلاة.
  • الذكر لله بتلاوة القرآن الكريم.
  • الذكر لله بالتسبيح.
  • الذكر لله بالاستغفار.
  • الذكر لله بالأدعية، بمختلف أنواع الأدعية.
  • الذكر لله بالتمجيد.

أنواع الذكر كثيرةٌ، لكنك في كلها تتوجّـه إلى الله، تتحدث إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الذي يسمعك في كُـلّ الأحوال، في أي الظروف أنت، في أي واقعٍ أنت، في أي مكانٍ أنت، يسمعك، ويعلم بذكرك له، وهو “جَلَّ شَأنُهُ” القائل في كتابه الكريم: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة: من الآية152]، عندما تذكره هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يسمعك، ويعلم بك، وهو “جَلَّ شَأنُهُ” يجازيك على ذكرك له بخير الجزاء، يذكرك: برحمته، برعايته الواسعة، بفضله العظيم، ولهذا يقول الإمام زين العابدين “عَلَيهِ السَّلَامُ” عن قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}: ((وأنت الذي دللتهم بقولك من غيبك وترغيبك، الذي فيه حظهم، ما لو سترته عنهم، لم تدركه أبصارهم، ولم تَعِهِ أسماعهم، ولم تلحقه أوهامهم، فقلت: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ})).

من نعمة الله، من رحمته، من عظيم فضله، أن يفتح لك -أنت أيها الإنسان العاجز الضعيف- المجال لتذكره، للتواصل به، للتحدث إليه، في كُـلّ أحوالك، في مختلف ظروفك، هذا لا يتاح في واقع البشر فيما بينهم، تجاه الكثير منهم، البعض -مثلًا- قد يكون في موقع مسؤولية في منصب معين: ملك، أَو أمير، أَو زعيم، أَو مسؤول معين، ويسعى الكثير إلى كيف يصل إليه صوتهم، فلا يصل، لا يمكن أن يصل؛ أمَّا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ففتح لك المجال، وهو رب السماوات والأرض، رب العالمين، ملك السماوات والأرض، الخالق، الرازق، المالك، الحي، القيوم، القوي، العزيز، {مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُـلّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ}[المؤمنون: 88]، {وَهُوَ عَلَى كُـلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وأكرم الأكرمين، ذو الفضل الواسع العظيم، ربك، إلهك، خالقك، رازقك، الذي بيده حياتك، وموتك، وإليه مصيرك، فتح لك المجال، لأن تتوجّـه إليه وتذكره، وهو يسمع ذكرك.

الذكر من أهم العبادات، وله أهميته الكبيرة في حياة الإنسان؛ لأَنَّ الله غنيٌّ عنا، غنيٌّ عن كُـلّ أعمالنا، عن الذكر وغيره من الأعمال والعبادات، الذكر هو من العبادات التي فائدتها، وثمرتها، ونتائجها الإيجابية والمهمة، لنا نحن، ومع الذكر باللسان، ينبغي أن يكون هناك توجّـه من قلب الإنسان، وفي نفسه، نحو الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتركيزٌ على معاني الأذكار، التي تذكر الله بها، فلا تكن غافلًا عنها؛ لأَنَّ من أهم ما يفيدك به الذكر لله، ترسيخ تلك المعاني، عندما تكبر الله، ترسخ معاني التكبير لله في نفسك، عندما تسبح الله ترسخ معنى التنزيه والتقديس لله في نفسك، وهكذا بقية الأذكار، وفي نفس الوقت أن تكون منسجمًا مع ما تذكر الله به، من الأذكار العظيمة، المشروعة، المهمة، المفيدة، في عقيدتك، وفي ثقافتك، فمثلًا: في الذكر لله بالتسبيح لله، لا تحمل معتقدات تسيء إلى الله، لا يكن في ثقافتك، أَو في معتقدك، أَو في تصوراتك، ما يسيء إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فتكون متباينًا مع التسبيح، بل اجعل منه قاعدة في معتقدك، وفي ثقافتك، وهكذا.

في القرآن الكريم أتى الحث على الإكثار من الذكر لله تعالى؛ لأهميته الكبيرة، وأثره العظيم، في نفس الإنسان، وفي حياة الإنسان، وكذلك الثناء على الذين يذكرون الله كَثيراً، سواءً من الرجال، أَو النساء:

يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً}[الأحزاب: 41-44]، يقول: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً}، الإكثار من ذكر الله، في أوقات متعددة، في مختلف الحالات، ومختلف الأوقات، لا يعيش الإنسان أوقاتا طويلةً غافلًا عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فلا هو يذكر الله بلسانه وقلبه، {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}، في مختلف الأوقات: في الصباح الباكر، وفي (الأصيل) في آخر النهار.

الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول هنا: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ}، وهذا أَيْـضاً مما يخرجك من الظلمات إلى النور، الإكثار من ذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

يقول أيضًا: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}[الأعراف: الآية205]، فالذكر لله في النفس، بحالة الرهبة والخيفة، والتضرع أَيْـضاً إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}: يعني حتى في الذكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ليس من الضرورة أن ترفع صوتك في ذلك، في بعض الأذكار.

ويقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فيما ذكره عن نبيه موسى “عَلَيهِ السَّلَامُ”، عندما طلب من الله أن يكلِّف معه أَيْـضاً أخاه هارون نبيًّا، ومعاونًا له، ووزيرًا له، وَعَضُدًا له، في مهمته الكبرى بالرسالة الإلهية، يقول أَيْـضاً في سياق طلبه ذلك: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثيراً (33) وَنَذْكُرَكَ كَثيراً (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا}[طه: 33-35]؛ لأهميّة الإكثار من ذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والإكثار من التسبيح أَيْـضاً.

يقول الله “جَلَّ شَأنُهُ” في الثناء على عباده الذين يُكثِرون من ذكره: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرض رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[آل عمران: الآية191]، ذكرٌ لله في مختلف حالاتهم: {قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}، بمختلف الحالات.

يقول أَيْـضاً في الثناء عليهم، الذين يُكثرون من ذكره، بعد أن ذكر مجموعةً من المواصفات الإيمانية المهمة، في الآية المباركة (في سورة الأحزاب): {إِنَّ الْـمُسْلِـمِينَ وَالْـمُسْلِـمَاتِ}[الأحزاب: من الآية 35]، إلى أن ختمها بقوله “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب: من الآية 35]، فمن المواصفات الإيمانية المهمة لعباد الله المؤمنين (من الذكور والإناث): هي الإكثار من ذكر الله “جَلَّ شَأنُهُ”، {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثيراً وَالذَّاكِرَاتِ}.

  • الذكر يأتي أَيْـضاً في مختلف الأحوال:

بحسب الزمان:

  • تستقبل نهارك -منذ الفجر- بالذكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بالصلاة، والذكر، والدعاء.
  • تستقبل شروق نهارك بالذكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
  • تستقبل منتصف نهارك بالذكر، والعبادة، والصلاة.
  • تستقبل ليلك بالذكر، والإقبال إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والصلاة، والتلاوة.

وهكذا، في مختلف الأوقات، هذا بالنسبة للأوقات، فلا تُمضي وقتًا طويلًا في حالةٍ من الغفلة، والنسيان لله، والذهول عن ذكره.

وأيضًا في مختلف الأحوال، بالنسبة للإنسان، على مستوى ظروف حياته، وأعماله، وأحواله المختلفة، فمشروعٌ لنا أن نبدأ ما نبدأ به من أعمالنا واهتماماتنا:

  • سواءً وأنت تتجه لتناول وجبة الطعام، أَو أنت تتجه لعمل أي عملٍ مهم، أن تبتدئه -ولو حتى في حديث، أَو كلام، أَو عمل، أَو أي شيء تشتغل عليه- أن تبدأه بالبسملة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}.
  • إذا انتهيت من طعامك، أن تحمد الله، وأن تجهر بذلك: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))، إذَا رغبت أن تقول: ((حمدًا كَثيراً طيبًا مباركًا فيه))، أَو أن تذكر بعضًا من الأذكار المشروعة.
  • عندما تنتهي من أي عملٍ مهم -بتوفيق الله، بتيسير الله- تقول: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ))، تحمد الله على ذلك، في نهاية كُـلّ عمل.
  • في أحوالك المختلفة، الأحوال الأُخرى: عند النوم، عند اليقظة، عند السرور والنعمة، عند الاستحسان للشيء، في حالة الحزن والمصيبة، عند الضيق والغم، عند الألم، عند مواجهة الأعداء، في ميدان الجهاد في سبيل الله.
  • هناك في القرآن الكريم، وهناك أَيْـضاً فيما ورد عن رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، أدعية وأذكار كثيرة، لمختلف الأحوال:

نقدم نماذج فقط منها، ويمكن للإنسان أن يستفيد مما هو صحيح، إمَّا مما هو موجودٌ في القرآن الكريم، إذ لا شك في صحته، أَو مما صح عن رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، البعض من الأذكار في مختلف الأحوال، التي يحفظها الإنسان، ويتعود عليها، مع التعود عليها ترسخ:

  • يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في القرآن الكريم: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}.

افتتح به سُوَرَه المباركة وفاتحة كتابه، وعلمنا رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” أن نبتدئ كُـلّ أمورنا بذلك، نذكر الله ونُبَسْمِل.

  • في حالة الاستحسان:

إذا استحسنت شيئاً، وفي حالة النعمة، وفي حالة الارتياح لما أنت فيه من نعمة معينة: ((مَا شَاءَ اللَّه))، في (سورة الكهف): {وَلَوْلَا، إذ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ}[الكهف: الآية39]، هكذا عند كُـلّ شيءٍ يستحسنه الإنسان: ((مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ)).

  • في حالة الغم:

يذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ما حصل لعبده ونبيه يونس “عَلَيهِ السَّلَامُ”، عندما ابتلعه الحوت، {فَنَادَى فِي الظُّلُـمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أنت سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِـمِينَ}[الأنبياء: من الاية87]، يقول الله: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْـمُؤْمِنِينَ}[الأنبياء: الآية88]، سئل رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”: (أهي فقط لنبي الله يونس؟)، فبيَّن أنها لغيره من المؤمنين، وتلا آخر هذه الآية: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْـمُؤْمِنِينَ}.

الإنسان المؤمن في كُـلّ حالة غم، يرجع إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مستشعرًا لتقصيره، ومنزَّهًا ومقدَّسًا لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عمَّا وقع فيه، هو يعتبر أن المشكلة عنده، أن التقصير عنده، أن الخلل عنده، أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو مصدر الخير والرحمة، ذو الفضل العظيم، فيلتجئ إلى الله لإنقاذه، مع الاعتراف على نفسه بالتقصير، {لَا إِلَهَ إِلَّا أنت سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِـمِينَ}، من الاذكار المهمة.

  • في حالة الحزن، والمصيبة:

يصبر الإنسان، ويوطن نفسه على الصبر، ويلتجئ إلى الله، {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}[البقرة: 155-156]، هذا من الأذكار المهمة في حالة المصيبة، في حالة الحزن، الإنسان يكرّر من هذا الذكر المهم، مع الصبر، مع الالتجَاء إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، {إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولئك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئك هُمُ الْـمُهْتَدُونَ}[البقرة: 156 -157].

  • عند الضيق وعند الخطر:

يستجير بالله “سَبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهو القائل: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُـلّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ}[المؤمنون: من الآية88]، يعلما: أن نستجير بالله، وأن نعوذ به، وأن نلتجئ إليه، من الأذكار المهمة: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران: من الآية173]، {حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[التوبة: الآية123].

  • في حالة الوعد:

فيما تَعِدُ به، قل أيضًا: {إِنْ شَاءَ اللَّهُ}، ما تَعِد به للمستقبل، ما تتحدث عن عزمك على فعله، اقترن عبر ذلك بقولك: {إِنْ شَاءَ اللَّهُ}، لا تقدم هكذا كلامك، كلام القاطع، وأنت لا تعرف ما الذي تواجهه في مستقبلك، وفيه أَيْـضاً التجَاء إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

  • تجاه الإرجاف والتهويل في مقام الجهاد:

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران: الآية173]، {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} من أهم الأذكار التي تعبِّر عن: الالتجَاء إلى الله، والثقة به، والتوكل عليه، والاعتماد عليه، والثقة بنصره، ولذلك قال عنهم: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ}[آل عمران: الآية174]، فهو من الأذكار المهمة، في مواجهة الخطر، في مواجهة الأعداء، في مواجهة التهويل والإرجاف، الإكثار من هذا الذكر: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.

أهميّة الإكثار من ذكر الله، عند مواجهة الأعداء، في ميدان الجهاد في سبيل الله، يقول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَأثبتوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الأنفال: الآية45]، يعني: أكثروا من ذكر الله، بقلوبكم، وفي أنفسكم، وبألسنتكم، أكثروا من ذكره، هذا له أثر كبير:

  • على مستوى الاطمئنان النفسي، والثبات.
  • وعلى مستوى أن تحظوا بالرعاية من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
  • من الأذكار المهمة: ((لا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم)):

عند الحزن، عند الضيق، عند الأمور المهمة، عند الشدائد، عند الصعوبات، هو من أهم الأذكار، التي ورد فيها ترغيبٌ كبير عن رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، ((لا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم))، وهو عند الهم والأمور المهمة،

  • في حالة النزول في أي مكان:

أنت مسافر، أَو جلست في مكان معين، أَو في الجبهة مثلًا، في أي مكان تنزل فيه، تقول: ((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق))، ثلاث مرات، ليصرف الله عنك شر كُـلّ الحشرات، والدواب، والهوام، والأشياء الضارة، استعاذة بالله، والتجَاء إلى الله، وهذا ورد فيه نص معروف عن رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”.

  • في الاستعاذة بالله تعالى من الشياطين، وحضورهم، ووساوسهم، ونزغاتهم:

يقول الله “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ}[المؤمنون: 97-98]، وهذا من أهم الأذكار للاستجارة بالله، والتعوذ به، من وساوس الشياطين ونزغاتهم، ومن حضورهم، وتأثيرهم على نفسية الإنسان.

  • الالتجَاء إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عند الضر، وعند المرض، مع الأخذ بالأسباب:

كما في قصة أيوب “عَلَيهِ السَّلَامُ”: {وَأَيُّوبَ، إذ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}[الأنبياء: 83-84]، (ذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)؛ ليعرفوا أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” رحيم، رحيمٌ بعباده، إذَا رجعوا إليه، إذَا التجأوا إليه، يأتي -في الأخير -الفرج من “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

  • في حالة النوم:

هناك أذكار كثيرة مروية، قبل أن تنام، في حالة استعدادك للنوم، من ضمنها الذكر المروي المأثور: ((ألجأت ظهري إليك))، أنت تخاطب الله وتناجيه، ((ألجأت ظهري إليك، وأسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، رهبةً منك، ورغبةً إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلَّا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت)).

 وهناك أَيْـضاً أذكار كثيرة مأثورة، هذه كنماذج.

وهكذا في مختلف أحوال الإنسان، يتعود على أن يذكر الله في مختلف أحواله، وألَّا يغفل عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويمكن للإنسان -كما قلنا في البداية- أن يستفيد من بعض الأذكار المأثورة، لمختلف الأحوال، والمختصرة أَيْـضاً، لمختلف الأحوال، في مختلف المناسبات أَيْـضاً؛ إنما المقام ليس مقام أن نوردها بكلها، هذه فقط نماذج للإشارة إلى الموضوع.

  • من أهم الأذكار: الذكر بالصلاة:

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}، {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}[طه: الآية14]، من أهم ما في الصلاة: هو الذكر لله، وهي غنية بالأذكار، الصلاة: فيها التكبير، فيها التهليل، فيها التحميد، فيها التسبيح، فيها تلاوة القرآن، فيها أذكار كثيرة، غنية بالأذكار، والصلاة مهمة جِـدًّا في مجال الذكر لله، ومهم أن يُقبل الإنسان بقلبه، ونفسه، وشعوره، ويركِّز على الأذكار.

والصلاة الفرائض، التي لا بُـدَّ منها، من أهم ما في الدين، من أركان الإسلام، وكذلك من المهم ومن المفيد جِـدًّا رواتبها، وكذلك صلاة النافلة، من أهم ما في صلاة النافلة: صلاة الليل، التي هي ثَمَانِي ركعات مثنى مثنى، يعني: تصلي ركعتين وتسلم، ثم تصلي ركعتين وتسلم، ثم تصلي ركعتين وتسلم، ثم تصلي ركعتين وتسلم، عدا صلاة الوتر، صلاة الليل من أهم العبادات والأذكار، ذات الأثر المهم إيمانيًّا، ونفسيًّا، وفي القُربة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفي الأجر العظيم، وفي الرعاية الإلهية.

  • كذلك من أهم الأذكار: تلاوة القرآن:

{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}[المزمل: من الآية20]، {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[فاطر: 29-30].

  • التسبيح من أهم الأذكار:

ولهذا في كلام نبي الله موسى: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثيراً (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً}[طه: 33-34]، ذكر التسبيح أولًا بمفرده، ثم الذكر لبقية الأذكار إلى جانبه؛ لأهميّة التسبيح، ولأهميته: هو الذكر الأَسَاس، الذكر الرئيسي في أذكار الملائكة: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}[الأنبياء: الآية20]، التسبيح من الأذكار المهمة، وجاء في تسبيح آخر الصلاة الذي هو: ((سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))، جاء الترغيب الكبير، والحديث عن فضله، وعن أثره، وعمَّا يدفع الله؛ بسَببِه من البلاء عن الإنسان.

  • من أهم الأذكار الاستغفار:

يقول الله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}[آل عمران: من الآية 17]، فالاستغفار من أهم الأذكار، والإنسان بحاجة إلى أن يكثر من الاستغفار، وهناك حث كبير جِـدًّا عن رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” على الإكثار من الاستغفار، في مختلف الأوقات، والحالات، والمناسبات، أمر مهم جِـدًّا، مع التوجّـه إلى الله بالندم، تجاه التقصير، والمعاصي، والزلل، والتوجّـه الجادّ لطاعة الله، والاستقامة على نهجه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

  • من الأذكار المهمة أيضًا: التمجيد لله، والثناء على الله:

في القرآن الكثير من ذلك، وفي المأثور الكثير من ذلك.

  • الـذكــر بأنواعــه هو عبادةٌ، وقربةٌ إلى الله تعالى، وعليه أجرٌ عظيم:

هو عبادة، من أهم العبادات، وعبادة ميسَّرة، الذكر بنفسه، عندما تقول مثلًا: ((سبحان الله))، هذا ذكر، عبادة، قُربة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، مع قبول العمل، يأتي لك عليه الأجر، الحسنة بعشرة أضعافها في الحال العادي، في الحال العادي؛ أمَّا في المناسبات والأوقات التي يضاعف فيها الأجر، يصبح الأجر مضاعفًا كَثيراً جِـدًّا، كلما أكثرت من ذكر الله، كلما حصلت على أجرٍ أكبر، وقربةٍ إلى الله أكثر، فهو عبادة، وقربة، وعليه الأجر، أنت تكسب الأجر، مع أنه عبادة ميسرة، يمكنك أن تذكر الله في كُـلّ أحوالك.

  • له أثره الإيماني، والوجداني، والتربوي، في نفس الإنسان:

الإكثار من ذكر الله له أثر نفسي، في نفسك، في شعورك، في وجدانك، أنت تشعر بالقرب من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بالأُنس بالله “جَلَّ شَأنُهُ”، وفي نفس الوقت له أهميّة كبيرة على مستوى تزكية النفس، كلما أكثرت من التذكر لله، في نفسك، وبلسانك، وفي قلبك؛ كلما زكت نفسك، كلما طَهُرَت مشاعرك، كلما كان له أثر إيجابي على المستوى النفسي، وفي نفس الوقت ترسيخ معاني الأذكار، وهذه مسألة مهمة جِـدًّا في الجانب الإيماني، تسبح الله أكثر؛ ترسِّخ في نفسك مسألة معنى التسبيح لله، معنى التكبير والتعظيم لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهكذا بقية الأذكار، بحسب ما تفيده، وما تعنيه، إذَا كان الإنسان مركزًا، ويعي ما يقول، وينتبه لما يقول.

  • أهميته الكبيرة جِـدًّا، والتي يحتاج إليها الإنسان، في تخفيف التوتر، وفي تخفيف الانفعال، وفي تخفيف القلق، من داخل نفس الإنسان:

من أكثر ما يؤثر على الناس في حياتهم هو التوتر، والقلق، والضيق النفسي، البعض يصل بهم الحال -من شدة تأثير ذلك- إلى المرض النفسي، أَو إلى أن يتأثروا في تصرفاتِهم، تصرفاتُهم، معاملاتُهم، كلامهم، مطبوع بطابع التوتر، حتى طريقتهم في الحديث مع الناس، حتى معاملاتهم مع الناس، يظهر عليهم التوتر في أغلب أحوالهم. الإنسان بحاجة إلى الإكثار من ذكر الله؛ لأَنَّ هذا يُكسِبه:

– الطمأنينة.

– الأمل في الله.

– الثقة.

– يخفف عنه من حالة الضيق، والتوتر، والقلق، وهذه مسألة مهمة جِـدًّا.

وأيضًا في حالات الانفعال، الحالات التي يكون الإنسان فيها منفعلًا، وغاضبًا، ومنزعجًا، بحاجة إلى أن يذكر الله، أن يلتجئ إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أن يكثر من ذكر الله؛ ليهدأ.

ولهذا يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد: الآية28]، الإنسان المؤمن يحس بالاطمئنان، عندما يكثر من ذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويلتجئ إلى الله “جَلَّ شَأنُهُ”.

  • الذكر لله سبب من أسباب رعايته، فيما يصرفه عن الإنسان:

أذكار تلتجئ بها إلى الله، تلتجئ في نفسك ووجدانك وتذكر الله بها، وتلتجئ إليه بها؛ فيصرف عنك الكثير من الشرور، الكثير من المصائب، الكثير من البلايا، الكثير من الحوادث، ويحوطك برعايته الواسعة، ولهذا عندما قال “جَلَّ شَأنُهُ”: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة: من الآية 152]، ماذا يذكرنا الله به؟ برعايته، بهدايته، بتوفيقه، بمعونته، بما يَمُنّ علينا به، بما يصرفه عنا، ذكر رعاية من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لما يقبله من أعمالنا، ويجازينا عليه من الخير، إلى غير ذلك، فالذكر عبادة مهمة جِـدًّا.

والذكر على أن يترافق معه استقامة، والتجَاء عملي إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بمعنى: ليس بديلًا عن الأعمال، وليس بديلًا عن الأخذ بالأسباب، مع توجّـهك العملي، يحضر (في حياتك، في اهتماماتك، في واقعك) الإكثار من ذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

  • وهذا يقيك أَيْـضاً من مخاطر الغفلة والنسيان، ويمثل حماية نفسية من الوساوس:

من أخطر الأشياء على الإنسان كثرة الوساوس، والهواجس، والمخاوف، التي تغزوه، من خلال الشيطان والشياطين (شياطين الإنس والجن)، الإكثار من ذكر الله يحميك من ذلك.

وأتى في القرآن الكريم الذم للمنافقين؛ لكثرة غفلتهم عن الله، في أنفسهم، وفي فهمهم لأمور الحياة، وفي واقع عملهم، وفي الذكر باللسان أَيْـضاً، يقول الله عنهم: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ}[المجادلة: من الآية 19]، يقول عنهم: {وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}[النساء: من الآية 142].

فالإكثار من الذكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في مختلف الأحوال والظروف له أهميّة كبيرة، وفي نفس الوقت عبادة ميسرة، ومفيدة، ونافعة، وله أثره الإيجابي، ونتائجه المهمة جِـدًّا، وهو من أهم وأحسن ما تستخدم به هذه النعمة، التي وهبك الله إياها: (اللسان، النطق)، تتوجّـه إلى الله، تستخدمها مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

وما أحسن الدعاء الذي ذكره أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيهِ السَّلَامُ”، دعاء للذاكرين، دعاء في الذكر لله، في التوجّـه إلى الله، في أحوال الذاكرين لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، في أحوال أوليائه، في ذِكرهم لله، والتجائهم إلى الله، قال “عَلَيهِ السَّلَامُ”: ((اَللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ اَلآْنِسِينَ لِأَوْلِيَائِكَ، وَأَحْضَرُهُمْ بِالْكِفَايَةِ لِلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ، تُشَاهِدُهُمْ فِي سَرَائِرِهِمْ، وَتَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي ضَمَائِرِهِمْ، وَتَعْلَمُ مَبْلَغَ بَصَائِرِهِمْ، فَأَسْرَارُهُمْ لَكَ مَكْشُوفَةٌ، وَقُلُوبُهُمْ إِلَيْكَ مَلْهُوفَةٌ، إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ اَلْغُرْبَةُ، آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ، وَإِنْ صُبَّتْ عَلَيْهِمُ اَلْمَصَائِب، لَجَؤُوا إلى اَلاِسْتِجَارَةِ بِكَ، عِلْماً بِأَنَّ أزمة اَلْأُمُورِ بِيَدِكَ، وَمَصَادِرَهَا عَنْ قَضَائِكَ. اَللَّهُمَّ إِنْ فَهِهْتُ عَنْ مَسْأَلَتِي، أَو عَمِيتُ عَنْ طِلْبَتِي، فَدُلَّنِي عَلَى مَصَالِحِي، وَخُذْ بِقَلْبِي إلى مَرَاشِدِي، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنُكْرٍ مِنْ هِدَايَاتِكَ، وَلاَ بِبِدْعٍ مِنْ كِفَايَاتِكَ. اَللَّهُمَّ احْمِلْنِي عَلَى عَفْوِكَ، وَلاَ تَحْمِلْنِي عَلَى عَدْلِكَ)).

الذكر لله أُنس، واطمئنان، وثقة، وزكاء للنفس، وطُهر للمشاعر، وترسيخ للمعاني الإيمانية، وبدلًا من أن يضيع الإنسان أوقاتا كثيرة، فليكن مما يتعود عليه: الإكثار من ذكر الله، وليتعود على الذكر لله في مختلف الأحوال، في مختلف الأعمال، في مختلف المناسبات، في مختلف الظروف، حتى يكون لسانك لَهِجًا بذكر الله، ونلحظ ما وصانا به رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، حينما قال فيما روي عنه: ((لا يزالُ لسانُك رَطبًا مِن ذِكرِ اللَّه)).

أَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإيَّاكُمْ لمِا يُرضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَنَسْأَلُهُ أَنْ يَتَقبَّل مِنَّا وَمِنْكُمُ الصِّيَام، وَالقِيَام، وَصَالِحَ الأَعْمَال.

من المهم أَيْـضاً في هذه الليالي المباركة الإكثار من ذكر الله، وليحاول الإنسان أن يستثمر وقته، بدلًا عن (الهذرفة) الكلام فيما لا طائل منه، ولا فائدة منه، بل قد يتحمل منه الوزر.

وَالسَّــــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتـــُه.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com