لن نترككِ أبدًا ما حيينا..بقلم/ إبتهال محمد أبو طالب

 

تتعـددُ المناسـبات، وتتعـددُ أهدافـها، وتتعـددُ عناوينُها، فلكلِّ مناسـبةٍ هـدفٌ ورؤيـة، وفكرةٌ وغايـة، لكن المناسـبات التي تُؤسَسُ وفق نهـج القرآن، هي المناسـبات الخـالدة، والعناويـن البارزة، والأهداف الحقة، من هذه المناسبات، مناسـبة يوم القدس العالمي، مناسـبة الوعي والبصيرة، المناسبة التي أربكت اليهود وأعوانهم، والعملاء وأتباعهم.

إنَّ إحيــــاءَ مناسبـةِ يـوم القدس العالمـي يمثـل دفاعًا عن المسـجد الأقصى، وَيعد جزءًا من الجـهاد ضـد اليهودِ المحتلّيـن.

يــوم القــدس العالمـي هو يـوم يوقظ النائميـن الظانيـن بأن لا مدافع عن القدس، لنقول للقدس: نحن معك، أرواحـنا معك، لن نترككِ أبدًا ما حيينا.

يـوم القـدس العالمـي هو انطلاقـةُ كُـلّ أحرار العالم، هو متنفسُ المستضعفين، هو اليوم المفصليُّ لإثبات الموقف الحق، والدعوة لجهاد اليهود واستنهاض شعوبِ العالم أجـمع.

إن ثبـاتَنا على قضيتِنا القضـيةِ الأولى -قضيةِ القدس- هو ثبـاتٌ ينطلقُ من رؤيـةِ القرآن وأولـي القرآن، ثباتٌ يسطع من دمـاء الشـهداء وأنـات الجرحى وصـمود المرابطيـن.

الشعب اليمني حاضرٌ في كافة الميادين الجهادية، فقد أثبت على مدى سنوات العدوان أنه الصابر الذي لم ولن يخضع للمعتدين والمطبعين.

إن خروج الشعوب الإسلامية لإحياء هذا اليوم يمثل القتال في الصف الواحد، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ}.

إن السيرَ لتحريـرِ القدس واقعٌ لا محاله، والهزيمةُ لأهل الشر والطغيان هي الغاية، لمَ لا؟! والقرآن تحدث عن القدس وعن مسجدها المبارك قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا؛ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

يقول السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- في معنى كلامه بأنَّ التحَرّك في طريق الحق، ولأجلِ الحقِّ هو من الأعمال العظيمة والصالحة، ويُعد من أعظم الأشياء التي يتقرب العبدُ بها إلى الله، وبلا شك فالخـروج في هذا اليوم يعدُّ أمرًا في غايـةِ الأهميّة؛ لكونه عملًا صالحًا وتقرُّبًا إلى الله سبحانه وتعالى.

الإمام الخميني -رحمة الله عليه- هو مـن قال عن إسرائيل، بأنها غدةٌ سرطانية يجبُ أن تُستأصلَ، كلامٌ في محله، ولا غرور في ذلك، فكـلام العلماء المتقين نـور وحق، فالخميني ذلك العالم الرباني رأى بنور الله، فكان صِدقًا ما قال، وكان حقًا ما رأى، ورغم نورانية كلامه إلَّا أنَّ الأغلب عارضه، وواجه ثورتَـه العظيمـة بالصدِّ والرفض.

أمّا المؤمنون فهم المؤيدون ثورتـَه، والمُشيدون بكلماته، والمواصلون نهضتِه ومبادئه، والساعون إلى تحقيـق أهدافه التي من ضمنها جعل آخر جمعة في شهر رمضان يوماً عالميًّا للقدس، فكان من آمال الإمام الخميني قوله: “وإنني أرجو جميع المسلمين أن يعظموا يوم القدس، وأن يقوموا في جميع الأقطار الإسلامية في آخر جمعة من الشـهر المبـارك بالمظاهرات، وإقامة المجالس والمحافل والتجمع في المساجد، ورفع الشعارات فيها، إن يـومَ القدس يوم إسلامي، ويومًا للتعبئة العامة للمسلمين”.

فكان السيد حسين بدر الدين الحوثي هو العـالم الحجّـة، والمؤمن التقي الذي واصـل ثورة الإمام الخميني -سلام الله عليه- فكان ليوم القـدس العالمي صدى في قلوب المؤمنيـن، وشذى في الديـن الإسلامي.

قائدٌ بعد قائد، فكلُّ قائدٍ حاضر مواصلٌ المسيرة الجهادية للقائد الأول، كلُهـم تجمعهم رؤيـةٌ واحدة هي رؤيةُ النصر، ومنطلقٌ واحدٌ هو القرآن، وغايـةٌ واحدةٌ هي تحريرُ المقدسات، وأقصد بالقادة العظماء في هذا العصر الإمام الخميني، والسيد حسين، والسيد عبدالملك، والسيد حسن نصر الله -سلام الله عليهم جميعًا-.

إنَّ المسلمَ الحرَّ الأبيَّ والشريـفَ هو ذلك الذي يأبى التدنيس للمقدسات، وسيدافع عنها إلى آخر يومٍ في حياته، سواءً بالكلمة أَو الموقف القولـي أَو الدفاع الفعلـي، ونؤكّـد أنَ موقف الكلمة هو طريق للموقف الجهادي الفعلي على أرض القدس الطاهـرة المقدسة بقدسية قضيتها الحقة.

الكيـانُ اليهودي طبعُه الفسادُ، وسعيُه دائماً للفساد، يفسد في شتى مجالاتِ الحياة، على المستوى الأخلاقي، والمستوى الاقتصادي، يدنس المقدسات وينتهك الحرمات، ورغم انتهاك الحُرمات وجرائم اليهود في القدس بما فيها المسجد الأقصى إلا أننا لم نرَ من الأنظمة العربية سوى الخوف وَالخنوع وعدم النطق ببنت شفه، فتلك الأنظمة تمثل العبد الطائع لأسيادها وشياطينها.

تطبيع صريح عبـر كُـلّ المجالات، وللتطبيع المتأصل في تلك الأنظمة دليل ظاهر من خلال إقامة الكنائس والمعابد، وعقد الصفقات التجارية، والترويج لثقافة اليهود والنصارى عبر المسلسلات، إلى أن وصل هذا الترويج إلى مناهجهم المدرسية.

تلك الأنظمة اللا واعية تبرّر خضوعها للتطبيع؛ لأجل السلام الوهمي الذي ترجوه، وكما قال السيد حسين بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- ناصحًا في ملزمة معرفة الله الدرس السابع: “عودوا إلى الله هو الذي سيمنحكم القوة، يمنحكم العزة فتكونوا أنتم المهيمنين على الآخرين؛ لأَنَّكم تمسكتم بالسلام المؤمن المهيمن، وهناك من الذي يستطيع أن يضركم؟ من الذي يستطيع أن يؤذيكم؟ من الذي يمكنه أن يقهركم؟ أوليس هذا هو السلام؟”.

إن توحدَ الأُمَّــة العربيـةَ والإسلاميةَ في كافـةِ القضايـا التي تنطلق من الانقياد لتوجيهات الله، يعني الدحـر التـام لليهود.

إننا نشيدُ بالموقف الصائب والموحد من محور المقاومة، وندعو الأنظمة بالتأسي بمواقفه العظيمة، تلك العظمة المُستمَدة من الكتاب المقدس -القرآن الكريم- الذي ينطلق وفقَه وعلى أَسَاسه.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com