خطاب السيد عبد الملك الحوثي في يوم القدس العالمي 1444هـ 2023م: عندما نتحَرّك لمواجهة الكيان الصهيوني فلنطمئن إلى أن عاقبته المحتومة هي الهزيمة والزوال

 

 

الأنظمة المطبَّعة سعت لحرف بُوصلة العداء عن الصهاينة والموقف الصحيح هو السعي لتحصين الأُمَّــة من الارتباط باليهود عبر التعبئة المُستمرّة ضدهم

اليهود يعتمدون على ربط الاقتصاد العالمي بالدولار ويعملون على أن يكون التعليم في بلداننا غير مفيد، وبالإعلام يسيطرون على الرأي العام وَيسعون لتفكيك المجتمع وتحويله إلى كيانات متباينة وأن يفصلوا المرأة عن أسرتها

الأمريكيون والصهاينة يتجهون لمنع أية نهضة للأُمَّـة، ويحاربونها بالسياسات المدمّـرة لكل شيء وَيجب أن نكون أُمَّـة منتجة اقتصاديًّا ومقاطعة لبضائع أعدائها

نتحَرّك من منطلق قرآني يجمعنا بأحرار أمتنا وما يحاول الأعداء تصويره لأي اتّجاه مقاوم على أنه عمالة لإيران هو افتراء؛ فإيران تقف من منطلق عقائدي وديني

النتائج الإيجابية لتعاون أحرار الأُمَّــة بدأت تتجلى وستكون ثمرتها إن شاء الله تحقيق النصر الحاسم

 

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنت السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنت التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات:                                      السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه.

تحدثنا بالأمس على ضوء الآية المباركة، حينما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: الآية102]، كيف أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أمرنا بالتقوى في هذه الآية المباركة بشكلٍ مميز، عن أمره بالتقوى في أي سياقٍ آخر في بقية الآيات المباركة.

عادةً ما يأتي في سياق كثيرٍ مما يأمرنا الله به؛ للتأكيد على أهميته، والتحذير من المعصية فيه، يأتي الأمر بتقوى الله، {اتَّقُوا اللَّهَ}، وكذلك التعقيب -أحياناً- على بعض الأوامر، أَو النواهي، يأتي التعقيب بقوله: {اتَّقُوا اللَّهَ}؛ للتحذير من المخالفة في ذلك، وما يترتب عليه من العواقب السيئة والعقوبات الإلهية.

إلَّا أنه في هذه الآية المباركة بالتحديد، وبشكلٍ حصري، أمر بتقوى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” (حَقَّ تُقَاتِهِ)، يعني: أبلغ درجات التقوى، ومعناه: الحذر الشديد، والانتباه من المخالفة، والمعصية فيما أمر به في سياق هذه الآية المباركة، وهي أتت في سياق التحذير من الطاعة لأهل الكتاب، في سياق قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران: الآية100]، فهي تحذر بشدة من الطاعة لهم، وتكشف -في نفس الوقت- أنهم يسعون إلى تطويع الأُمَّــة، لتكون مطيعةً لهم.

ثم يبيّن أن ذلك نتيجته الحتمية: هي الكفر، {يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، فهم يسعون إلى أن يرتدوا بكم عن مبادئ هذا الدين، عن قيمه، عن أخلاقه، عن شرعه، عن نهجه، عمَّا هداكم الله فيه إليه.

وتحدثنا عن أن هذا يأتي في سياق عدائهم الشديد جِـدًّا لهذه الأُمَّــة، ولذلك يتجهون كما اتجه الشيطان؛ لأَنَّهم أعوان الشيطان، وهم شبكته التي تنشط في الواقع البشري، إلى الاستهداف لنا في ديننا، هذا هو أبرز مظاهر عدائهم الشديد لنا؛ لأَنَّهم يعرفون ما يمثله لنا ديننا كعامل قوةٍ أَسَاسي، هو صلةٌ يصلنا بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ لنحظى برعايته، وتأييده، ومعونته، ونصره، إذَا خسرنا هذه الصلة، كيف نحظى بنصر الله، وتأييده، ومعونته؟ يعرفون أهميّة هذا الدين كعاملٍ مُهِـمّ وأَسَاسي في بناء الأُمَّــة، لتكون أُمَّـة قوية، تحظى بالمنعة، بالعزة، تمتلك كُـلّ وسائل القوة، إن هي التزمت به، واهتدت بهديه، والتزمت بمبادئه وقيمه وأخلاقه، فهم يتجهون إلى تجريدنا من كُـلّ عناصر القوة، وهم يدركون الأهميّة المعنوية لهذا الدين، ويدركون أنهم إذَا نجحوا في تفريغنا من مبادئنا، وقيمنا، وأخلاقنا، وثقافتنا، وجردونا من كُـلّ عقائدنا، وأصبحنا أُمَّـة مفرغة، لا تمتلك لا مبادئ، ولا قيم، ولا أخلاق، ولا تتمسك بثقافة صحيحة، ولا فكر صحيح، ولا معتقدات صحيحة؛ فَــإنَّها ستصبح أُمَّـة مفرغة، جاهزة لتقبُّل ما يأتي من جانبهم هم، وتصبح أُمَّـة غير محصَّنة، لا بالوعي، ولا بزكاء النفوس، ولا بالفهم، ولا تتحَرّك ضمن مشروعٍ ذاتيٍ لها هي، فاضية، فارغة؛ وبالتالي تكون متقبلة لما يأتي من جانبهم، ومتأثرةً بهم، ولذلك ركزوا على هذا الجانب.

وفي هذا السياق، هم يعملون على مسح حالة العداء، وتغيير النظرة إليهم كأعداء، الحقيقة التي أكّـد عليها القرآن الكريم، ويشهد لها الواقع بكل وضوح: أنهم أعداء، هم يحاولون أن ننظر إليهم كأصدقاء، وأن نتقبل ما يأتي من جانبهم، وهذا؛ بهَدفِ تسهيل مُهِـمّتهم في السيطرة علينا، من دون أن يكون هناك عوائق أمامهم، يريدون أن يتحَرّكوا في الاستهداف للأُمَّـة دون ردة فعل من جانب الأُمَّــة؛ لتفادي كلفة ردة الفعل (ماديًّا، وبشريًّا)، وغير ذلك، ولتسهيل العمل في الاستهداف للأُمَّـة، وهي في حالة انبطاح، جمود، ليس من جانبها ردة فعل، لا تمتلك منعة أمام كُـلّ مؤامراتهم، أُمَّـة منبطحة، وساحة مفتوحة، وحالة انبطاح وفتور، وفقدان لليقظة والوعي، في مثل هذه الحالة تنجح مؤامراتهم، مخطّطاتهم، ويعملون بنشاط في واقع الأُمَّــة، ويتفادون الكُلفة:

  • على المستوى البشري: لا يعانون ويحتاجون أن يضحوا تضحيات جسيمة ورهيبة، وهم في قتال مع هذه الأُمَّــة، يتغلبون عليها -في أغلب الأحوال- من دون قتال، أَو بقتال بسيط، لا يحتاجون عناءً كَبيراً، هم خوّافون جِـدًّا من الكلفة البشرية، لا يتحملون أن يُقتل منهم الآلاف، أن يضحوا التضحيات الجسيمة، تهتز كياناتهم بالتظاهرات، وتمتلئ أجوائهم بالرعب، من أحداث بسيطة، أَو خسائر محدودة، تؤثر عليهم بشكل كبير،
  • على المستوى المادي كذلك: هم بخلاء، لا يريدون أن يخسروا خسارات باهظة جِـدًّا، هم يريدون هم -بدلًا من أن يخسروا في إطار حربهم على الأُمَّــة، واستهدافهم لها، ومؤامراتهم عليها- أن يربحوا، أن تكون الأُمَّــة هي من يمِّول تلك المؤامرات، من يدفع في تلك المؤامرات، من ينِّفذ ويدفع التكاليف، وفي نفس الوقت يقدِّم لهم ما يربحون، مثلما يحصل في أُسلُـوبهم في الحروب بالوكالة، على المستوى العسكري، يدفعون من يحارب عنهم بالوكالة، ويدفع لهم حتى قيمة السلاح الذي يشتريه، وقيمة الموقف الذي يؤيدونه به، وغير ذلك، على هذا المستوى.

وفي هذا السياق يعتمدون طريقة التطويع للأُمَّـة، وكسب ولائها؛ لهذا السبب: لتكون هي متقبلة لما يأتي منهم، من ضلال، من فساد، من استهداف، من مؤامرات.

بل أكثر من ذلك: يسعون إلى أن يكونوا هم -بالنسبة لأمتنا- في موقع الآمر، الناهي، الموجّه، الذي يرسم السياسات، الذي يحدّد المواقف، الذي يدفع بالأمة إلى ما يريد من توجّـهات، وهذه مسألة خطيرة جِـدًّا، هم يريدون أن يفرضوا ولايتهم علينا، وأن يدفعوا بنا لتقبُّل ذلك؛ حتى تصبح هذه مسألة مقبولة في أوساط نُخَبِنا، وأحزابنا، وحكوماتنا، تتوجّـه منهم، ترجع إليهم، تتقبل منهم، لا تجد أي حساسية، أَو إشكالية، في أن يأمروا، أن يوجهوا، أن يلاحظوا، أن يتعامل السفير منهم كأمير، كأميرٍ يتدخل في كُـلّ المجالات، في كُـلّ الشؤون، يقرّر، يفرض، ينتقد، يغيّر، يبدل، يريدون أن يكونوا هم في هذا الموقع بالنسبة لأمتنا، أن يفرضوا ولايتهم علينا، وأن يكونوا في موقع الآمر، والناهي، والموجِّه، الذي يفرض السياسات، ويحدّد المواقف، ويغيّر، ويقرّر، ويبدل، إلى هذه الدرجة، ويسعون إلى تطويعنا.

فأتى التحذير في القرآن الكريم بشدة من التولي لهم، والطاعة لهم، وهذه أول نقطة في الصراع معهم، وأول مفصل مُهِـمّ في الصراع معهم، مسألة التولي لهم، والطاعة لهم، حذَّر القرآن الكريم بشدة من ذلك، وبيَّن أن نتيجته الحتمية: هي الارتداد؛ لأَنَّهم يدفعون بالناس بخطوات عملية، فيما يبعدهم عن مبادئهم، عن قيمهم، عن أخلاقهم؛ لأَنَّهم يدركون ما تمثله لهم من عناصر قوة، وهداية، وصلاح، وأَسَاس لبناء حضارة إسلامية راقية، فهم يتجهون بفصل الأُمَّــة عن ذلك، وتقديم البدائل، من خلال ما يدفعون به إليه.

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عندما قال: {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، قدّمها كنتيجة حتمية، عندما قال: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: من الآية51]، قدَّمها كحقيقة حتمية، لا تقبل النقاش ولا الجدال، حينما بيَّن حالة المسارعين فيهم: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة: من الآية52]، أنها في هذا السياق.

ولذلك أُسلُـوب القرآن الكريم، ومنهجيته، وما هدى إليه، ونحن أكّـدنا على أهميّة: أن ننتقل من النظرة الشخصية المزاجية، التي تبعد الإنسان عن تقوى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتورطه، وتجعله غافلًا، إلى النظرة القرآنية، ((كتاب الله تبصرون به))، أن نعود إلى ما يهدي إليه القرآن الكريم، وأن نتمسك به، وأن نتحَرّك على أَسَاسه، في مقابل سعيهم لتطويعنا، وسعيهم إلى أن يكونوا في مقام الآمر الناهي الموجّه لنا، نسعى إلى محاربتهم في هذه النقطة: محاربة التطويع، التولي، محاربة أن يكونوا هم مقبولين، ليصدروا أوامر، ليوجهوا، لينهوا، ليلاحظوا، ليقرّروا، ليتدخلوا في كُـلّ أمورنا، في صغيرها وكبيرها، في كُـلّ شؤوننا، في كُـلّ مجالات حياتنا، أُسلُـوب القرآن وما هدى إليه هو:

  • التعبئة ضدهم.
  • والتوعية تجاه خطرهم.
  • وكشف أساليبهم.
  • وكيفية التصدي لمؤامراتهم.
  • فالنقطة الأولى هي: كيف يكون التوجّـه العام، والموقف العام:

هل موقف المتقبل؟ هل موقف الموالي المطيع؟ أم موقف الساكت، الخانع، المستسلم، الذي يفسح لهم المجال، ليَنفُذوا إلى داخل هذه الأُمَّــة، وليتحَرّكوا في أوساطها دون أي عائق؟ أم أنه الموقف الصحيح الذي هدى إليه القرآن الكريم، في محاربة مساعيهم تلك، والسعي لتحصين الأُمَّــة، وتوعيتها، وفصلها عن: التأثر بهم، الارتباط بهم، الطاعة لهم، التولي لهم، وعن طريق التعبئة المُستمرّة للأُمَّـة ضدهم، من خلال القرآن الكريم، ومن خلال شواهده في الواقع.

بالرغم من وضوح حقيقة أنهم أعداء، خَطِرون، وألِدَّاء، وسيئون… إلخ. فالبعض ممن ينتمون إلى الإسلام، ينطلقون على أَسَاس رؤيتهم القائمة على الترويج لأُولئك أنهم أصدقاء، والتوجّـه للتعامل معهم على هذا الأَسَاس، وإقامة علاقات وتحالفات معهم، تحت عنوان التطبيع، وفي سبيل ذلك يتجهون إلى خطوات سيئة ضد شعوبهم، وضد أمتهم، وضد شعب فلسطين، مثلما حصل من آل خليفة في البحرين، مثلما حصل من النظام الإماراتي، من النظام السعوديّ، من النظام المغربي، الذي اتجهوا إلى خطوات عملية، لخدمة أُولئك الأعداء، للتودد إليهم، لفتح المجال أمامهم للتأثير حتى على شعوبهم، ويسعون حتى للتأثير على شعوبهم لتتقبل الولاء لأُولئك، النظرة إلى أُولئك كأصدقاء، هم يركزون على هذه النقطة، يتنكرون لآيات الله، لكتاب الله، وللحقائق القائمة في الواقع، الواضحة جِـدًّا، على أنهم أعداء سيئون للغاية.

ويصل الحال في خطواتهم العملية، إلى أن يتنكروا لدينهم، لقيمهم، لأخلاق دينهم، يصل الحال إلى أن يظلموا أمتهم، أن يتآمروا على شعوبهم، في شعب البحرين، آل خليفة يجردون أبناء البحرين -أبناء الشعب البحريني المسلم- يجردونهم من جنسيتهم، فيمنحون الجنسية للصهاينة، في الإمارات فعلوا ما يشبه ذلك، وفتحوا المجال لخدمتهم، سواءً هنا، أَو هناك، في البحرين، في الإمارات، في المغرب، يخدمونهم بأكثر مما يخدمون شعوبهم، يقدمون لهم من التسهيلات، ما لا يتعاملون بمثله تجاه أبناء أمتهم الإسلامية.

يتورطون؛ بسَببِ ذلك في النفاق؛ لأَنَّ التولي لأُولئك يعتبر في الإسلام نفاقًا، والظلم، والتذلل المخزي، إلى درجة العار، في المغرب حصلت فظائع مخزية جِـدًّا، في تقديم بنات مسلمات للصهاينة، لجريمة الفاحشة والعار، وانتشرت تلك الأخبار المخزية، أمور مخزية للغاية.

وسعي لحرف بوصلة العداء عن الأعداء الحقيقيين إلى من؟ إلى من يتصدى لهم من أبناء الأُمَّــة، إلى من يقف بوجههم من أبناء الأُمَّــة: إلى أحرار فلسطين، إلى المجاهدين في فلسطين، كم توجّـهت ضدهم من حملات إعلامية دعائية مسيئة، بل وإلى الشعب الفلسطيني عُمُـومًا، قنوات، وسائل إعلام، تغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي، بوسائل كثيرة، في الصحف، إساءَات وتشويه للشعب الفلسطيني، إساءَات وحملات تحريضية، وتعبئة عدائية، في الطرح الإعلامي والتناول الإعلامي، ضد حزب الله في لبنان، ضد أحرار الأُمَّــة بشكلٍ عام، سعي بجهد جهيد لحرف بوصلة العداء عن العدوّ الأَسَاسي، العدوّ الحقيقي للأُمَّـة، الذي أخبر الله -وهو الأعلم بأعدائنا- أنهم أعداء، وأنهم {أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً}[المائدة: من الآية82]، إلى من يتصدى لهم من أبناء الأُمَّــة، إلى من يقف بوجههم ووجه مؤامراتهم من أبناء الأُمَّــة.

أمَّا اتّجاه السكوت والتخاذل فهو غير مفيد للأُمَّـة، ولا ينبغي أبدًا أن يكون خيارًا بديلًا عمَّا هدى الله إليه في القرآن الكريم، هداية الله هي الأولى، الله مثلما قال “جَلَّ شَأنُهُ” عن نفسه: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأعدائكُمْ}[النساء: من الآية45]، أعلم بهم مَن هم، أعلم بما ينبغي، وما علينا أن نفعل في التصدي لمؤامراتهم، ما هي السياسة الحكيمة، ما هو الموقف الصحيح، الذي يقي الأُمَّــة، يقيها، يدفع عنها الخطر، السكوت معناه: تمكين الأعداء، من الوصول إلى تحقيق أهدافهم، وأي خيارات بديلة عمَّا هدى الله إليه في القرآن الكريم، هي ضياعٌ للأُمَّـة، وخطرٌ عليها.

إذًا من خلال العودة إلى القرآن الكريم، وما هدى الله إليه في القرآن الكريم، وما كشف به طريقتهم، وأساليبهم، واستراتيجيتهم التي يعتمدون عليها، لاستهداف الأُمَّــة، وفي مقدمتها التطويع، وكسب الولاء، نتحَرّك لمحاربتهم بدءًا في هذه النقطة المُهِـمّة، كما ذكرنا، عن طريق: التعبئة، التوعية، تحريك حالة السخط في أوساط الأُمَّــة، تفعيل توجّـهات الأُمَّــة في كُـلّ مجال على هذا الأَسَاس، واليقظة تجاه كُـلّ مؤامراتهم.

عندما أخبرنا الله أنهم يريدون أن يطوعوا الأُمَّــة، وأن يكسبوا ولائها، ليردوها عن إيمانها، عن مبادئه، عن قيمه، عن أخلاقه، البناءة، التي تبني الإنسان، وتبني الحضارة الإسلامية الراقية، التي هي إنسانية، لا تقوم على أَسَاس هدم القيم الفطرية الإنسانية، بيّن الله لنا في القرآن الكريم أنهم يسعون -بشكلٍ تفصيلي- إلى إضلالنا، وإلى إفسادنا.

  • ونتحدث عن هذه النقطة: نقطة سعيهم لإضلال الأُمَّــة في كُـلّ المجالات:

بعد أن تكون الأُمَّــة متقبلةً منهم، تتقبل ما يقدمونه: من رؤى، من سياسات، من تصورات، من أفكار، من ثقافات، من أوامر، ما يفرضونه من توجّـهات، في هذه الحالة، يسعون لإضلال الأُمَّــة، ويقدمون ما يقدمونه من ذلك: من أفكار، من سياسات، من توجّـهات، من قرارات، من إشارات، يقدمون بدائل عن القرآن الكريم، وما يهدي إليه القرآن الكريم، بدائل مضلة، تُتَوِّهُ الأُمَّــة، تضيع بالأمة، تغيّر واقع الأُمَّــة نحو الأسوأ، تعيق الأُمَّــة عن بناء أي نهضة حضارية إسلامية راقية مميزة.

هذا التوجّـه بالنسبة لهم هو مبكرٌ من جانبهم، هم منذ اليوم الأول يسعون لمحاربة الإسلام، وصرف الناس عنه، وإبعاد الناس عن تقبله، وكما قال الله عنهم: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}[الصف: من الآية 8]، وقال عنهم: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}[التوبة: من الآية 32]، توجّـه مبكر، عملوا عليه منذ البداية، وعبر الأجيال، وهم مُستمرّون عليه.

الفارق: أنهم في هذا الزمان، يمتلكون من وسائل التأثير، ومن التقنيات المعاصرة، ما لم يكن معهم مثله فيما قد مضى، وَأَيْـضاً مع وسائل التأثير ووسائل النشر، التي تصل إلى كُـلّ بلد، إلى كُـلّ منطقة، إلى كُـلّ قرية، إلى كُـلّ مدينة، بل إلى أكثر الأسر، مع انفتاح عليهم، وفوضى، وانفلات في التقبُّل في أوساط المسلمين، وفي مقدمتهم النُخَب، النُخَب هم الأكثر والأول تقبُّلًا وبغرور.

الله قال عنهم: {يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء: من الآية 44]، يريدون أن تضلوا السبيل، ولذلك يسعون إلى أن تضلوا سبيل عزكم، وكرامتكم، وفلاحكم، ونجاتكم، وخيركم، وقوتكم، وعزتكم، ومنعتكم، هم يريدون أن يضلوكم في كُـلّ المجالات، أن ينحرفوا بكم عن الاتّجاه الذي يوصلكم إلى الغاية، إلى النجاح، إلى الفلاح، وهذا حصل.

وهم يتحَرّكون في كُـلّ المجالات، ضلالهم يصلنا في كُـلّ مجال كأمةٍ مسلمة:

  • في المجال السياسي:
  • يتجهون بالأمة إلى إزاحة هدى الله، وتعليماته بشكلٍ تام، من نظام حياتها، وإدارة شؤونها، وهذه ضربة قاضية على الأُمَّــة؛ لأَنَّ البدائل عن ذلك هي بدائل تتوِّه الأُمَّــة، تضيع بالأمة، وتخسر؛ بسَببِها الأُمَّــة.
  • يسعون إلى تمكين الطغاة، والسفهاء، من السيطرة على رقاب الأُمَّــة.
  • يسعون إلى بعثرة الأُمَّــة، وتمزيقها، وتفكيكها، وإغراقها بالاختلافات السياسية؛ لإعاقتها من تحقيق أي نهضة حضارية إسلامية، ولإبقائها على الدوام في وضعية مأزومة سياسيًّا: خلافات سياسية دائمة، نزاعات سياسية دائمة، مشاكل سياسية دائمة.

بينما هدى الله وتعليماته كانت ستؤمِّن الاستقرار السياسي للأُمَّـة، وفي نفس الوقت نظام حكيم، تصلح به الحياة، تُعمَر به الحياة، يبني الحياة، ويبني الإنسان، يبني الإنسان، يبني له إنسانيته بشكلٍ صحيح، في قيمه الفطرية المُهِـمّة.

  • في المجال الاقتصادي:
  • حوّلوا الأُمَّــة الإسلامية إلى سوق استهلاكية لبضائعهم، تُدِرّ لهم الأرباح والدخل الهائل، وتسلِّمُهم المواد الخام بأبخس الأثمان، المواد الخام يأخذونها من أوطاننا بأبخس الأثمان، يأتون ببضائعهم بأغلى الأثمان، يكسبون الأموال الهائلة، والأرباح الهائلة جِـدًّا، وجزءٌ منها يمولون به مؤامراتهم علينا، واستهدافهم لنا، من جيوبنا، من أموالنا، مما نقدمه نحن، بدلًا من أن نكون أُمَّـة منتجة، تزرع، وتصنع، وتنتج احتياجاتها الأَسَاسية.
  • وادخلوا الربا في تعاملاتنا البنكية والمصرفية، ومعاملاتنا التجارية.
  • وربطوا الأُمَّــة بالاعتماد على الدولار؛ لتكون الأُمَّــة الإسلامية، والدول العربية والنفطية، هي من أكبر من ساهم في ربط الاقتصاد العالمي بالدولار، وقدَّم بذلك خدمة كبيرة جِـدًّا في الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على الأُمَّــة.
  • وهم يعيقون أي توجّـه خلاف ذلك، توجّـه لبناء الأُمَّــة اقتصاديًّا، لأن تتحول إلى أُمَّـة منتجة، لأن تكون السياسات الاقتصادية سليمة، وصحيحة، وبنّاءة.
  • في مجال التعليم:

يعملون على أن يكون التعليم في بلداننا غير مفيد، ولا مثمر، لا في الدين، ولا في الدنيا، ولا في أثره في بناء الإنسان، وأن تكون مخرجاته لصالحهم.

  • في مجال الإعلام:

يسعون إلى السيطرة عليه، والتأثير عبره على الرأي العام، والسيطرة على التوجّـهات، والاهتمامات، والتصورات، وحتى الانطباعات والمشاعر، يسعون بشكلٍ كبير، ونشاطهم الإعلامي، وتأثيرهم الإعلامي واضح، القضايا التي تبقى في حيِّز الاهتمام بشكل كبير: القضايا التي يستهدفون بها الأُمَّــة، يبعثرون بها الأُمَّــة، يفككون بها الأُمَّــة، يحاربون بها قضايا الأُمَّــة، وحالة من العبث والضياع الكبير.

  • في المجال الاجتماعي:

يسعون إلى تفكيك المجتمع، وتحويله إلى كيانات متباينة، دائماً يعملون على أن يجعلوا المرأة مكوّنًا لحالها، والشباب مكوِّن لحالهم، وأن يبنوا أيديولوجيات سياسية مبنية على أَسَاس هذا التقسيم، يعملون على فصل المرأة عن كيانها وأسرتها، هدفهم من كُـلّ ذلك: التتويه للأُمَّـة، وإعاقتها عن أي نهضة حضارية إسلامية.

وهذا فعلًا مؤثر على الأُمَّــة، مؤثر إلى حَــدّ كبير، أفكار كثيرة، سياسات، توجّـهات، تأتي لتعزيز كُـلّ ما ذكرناه من جانبهم، وللدفع بالأمة أكثر وأكثر فيه، وهذا أضرّ بأمتنا كَثيراً.

في هذا المجال، يجب أن نستحضر أنهم أعداء، أن نستحضر الصراع معهم في هذه المجالات بكلها، وأن ندرك أنهم يسعون إلى ذلك؛ مِن أجل السيطرة علينا؛ مِن أجل إضعافنا؛ مِن أجل تتويهنا، وفعلًا حالة التتويه هذه ملحوظة في بلداننا، كُـلّ بلد وله عشرات السنين غارق: في أزمات سياسية، أزمات اقتصادية، أزمات اجتماعية، مشاكل متنوعة، الوضع الصحي فيه يتدهور، التعليم فيه يتدهور، المجالات بكلها يسود فيها الفشل، وتغلب عليها حالة الأزمة في كُـلّ شيء، وحتى البلدان المتمكّنة جِـدًّا اقتصاديًّا، في غاية حالها، غاية أمرها، أنها تبني نفسها كأسواق ضخمة، وتتنافس كأسواق ضخمة لهم ولمصلحتهم، وليس كدول منتجة قوية في إنتاجها.

يجب أن نحاربهم في هذا المجال، وأن نستحضر أننا في صراع معهم، أنهم يسعون لإضلالنا، أن نتلمَّس -وأن نكون يقظين ومتنبهين- ما يأتي من جانبهم، في كُـلّ مجال من هذه المجالات، ما هي أهدافه؟ وأن نعود إلى القرآن الكريم الذي يهدينا لما يبنينا، ويصلح واقعنا بكله.

في تحَرّكهم للإفساد، الله يقول عنهم: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[المائدة: من الآية 64]، وهو عنوان واسع، إفساد للحياة في كُـلّ شيء:

  • ومن ضمن ذلك الفساد الأخلاقي، وهو من أسوأ ما يعملونه، وبشكلٍ فاضح، وصريح، وواضح:
  • يسعون بشكلٍ مكثّـف لنشر جريمة وفاحشة الزنا، بشكل مكثّـف، وعناية شديدة، بكل العوامل والمقدمات، التي تجر إلى تلك الجريمة والفاحشة:
  • يدفعون بشكل عجيب جِـدًّا بالناس إلى الاختلاط الفوضوي.
  • يدفعون بشكل عجيب وبشكل ملفت إلى الربط بالعلاقات المحرمة، بين الرجال والنساء.
  • يسعون بشكلٍ مكثّـف إلى كسر الحواجز الفطرية والإيمانية المُهِـمّة.
  • يسعون بشكلٍ مكثّـف إلى دفع النساء إلى التبرج، وإلى محاربة الاحتشام والعفة، وإلى تشويه الاحتشام والعفة.
  • وأمَّا إعلاميًّا فيروجون لذلك بالمشاهد الخليعة، والإباحية، والضخ لمواد مفسدة ومؤثرة تأثيرا سيئًا؛ لإفساد زكاء النفوس.

حرب معهم شنيعة في هذا المجال.

  • يسعون أَيْـضاً لفصل المرأة عن أسرتها وكيانها المجتمعي:

يحاولون أن يفصلوها عن أسرتها، لا تبقى مرتبطة بأسرتها؛ لكي يسيطروا عليها هم، حتى أن المنظمات في بلدنا سعت إلى تسفير النساء من البلد، واستقطابهن، وتسفيرهن لوحدهن، يشترطون ألَّا يكون معها محرم، ألَّا يكون معها أحد من أقاربها، أن تسافر إلى أُورُوبا، أَو إلى أمريكا، إلى بريطانيا، إلى بلد بعيد، هنا أَو هناك، ليتمكّنوا هم من اصطيادها، وإفسادها، وإضلالها، وتحويلها إلى عنصر منفصل عن مجتمعه، عن أسرته، ومرتبط بهم هم، تتوجّـه منهم، تتحَرّك بتعليماتهم، تسعى وفق الأنشطة التي يأمرونها بها، ويحركونها فيها، فيتحول ارتباطها بهم إلى ارتباط تام، ويحولونها إلى عنصر مفسد في المجتمع؛ بينما يكونوا قد فصلوها عن أسرتها، عن كيانها، عن مجتمعها، وقطعوا روابطها وأواصرها بهم.

  • يسعون بشكلٍ شنيعٍ وفاضح، ومُخزٍ، لنشر جريمة الفاحشة المثلية، الشنيعة، القبيحة، ويسعون لقوننتها، وحمايتها بالقانون، وتطبيعها:

يريدون أن تصبح قضيةً عادية، سلوكًا عاديًّا، في أوساط المجتمع، لا يستنكره المجتمع، لا يعيب من يرتكبونه، لا يُشنَّع عليهم، لا يعترض عليهم، وأن يحموهم، يريدون أن يوفروا لهم الحماية القانونية.

ونشاطهم في هذه الجريمة الفظيعة للغاية، الشنيعة جِـدًّا، المسيئة إلى المجتمع البشري بكله، نشاط مخزٍ، أمريكا بنفسها تتبنى هذا الأمر، اللوبي الصهيوني يتحَرّك في هذا الاتّجاه، بكل إمْكَاناته في العالم، ومن أجل ذلك: تحَرّك سياسي، تحَرّك قانوني، تحَرّك إعلامي، ونشاط واسع، هذا يبيّن مدى سوئهم، مدى فسادهم، مدى خِسَّتِهم، مدى دناءتهم، مدى قذارتهم، ويبين سُوءَهم، وشدة حقدهم؛ لأَنَّها وسيلة لاستهداف المجتمع البشري؛ بهَدفِ تمييعه، تفريغه من القيم الإنسانية والفطرية، تمييعه؛ حتى لا يمتلك أي ذرة من الشعور بالكرامة، والعزة، والإباء؛ ليسيطروا عليه، استخدام أساليب ووسائل دنيئة جِـدًّا، دنيئة جِـدًّا، وسيئة للغاية، والهدف من كُـلّ ذلك: السيطرة على المجتمعات، بعد أن تصبح مجتمعات قد تميَّعت، مفرَّغة من القيم الفطرية والإنسانية.

إذا وصل الإنسان إلى درجة ألَّا يمتلك ذرةً من الإباء، ولا العزة، ولا الكرامة، ولا القيم الإيمانية، وأصبح إنسانا دنيئًا، منحطًا، سيئًا، فاسدًا، ذليلاً، خاسئًا، لا يقدس أي شيء في هذه الحياة، ليس هناك أي شيء يشعر تجاهه بكرامة، لا يمتلك الغيرة تجاه أي شيء، ولا الحمية تجاه أي شيء، هم يريدون أن يحولوا الناس بهذا الشكل، حتى يسيطروا عليهم؛ لأَنَّهم إذَا أصبحوا بهذا المستوى، اطمأنوا من جانبهم، وسيطروا عليهم سيطرة تامة.

  • يقومون بنشر المخدرات، وبشكل شنيع، ويستغلون ضعاف الإيمان، أصحاب الطمع والجشع المادي، ونشر الخمور:

وهدفهم من ذلك:

  • الإفساد للشباب، الإفساد للمجتمع (كبارًا، صغارًا، رجالًا، نساءً).
  • وفي نفس الوقت مع إفساد النفوس وتدنيسها -لأَنَّ المخدرات مفسدة، الخمور مفسدة- تدمير صحة الشباب، وصحة أبناء المجتمع؛ لأَنَّ لكل ذلك أضراراً صحية رهيبة جِـدًّا.
  • وأضرار أَيْـضاً بالاقتصاد، تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد بأشياء ضارة، أشياء مفسدة، اتِّجار -بدلًا من أن يكون بما يبني واقع الحياة، بما يوفر المتطلبات الأَسَاسية للحياة، الأمور النافعة والمفيدة للناس- يتحول إلى ما يضر، اتِّجار بما يضر، بما يفسد، بما يدمّـر صحة الشباب.
  • ويهدفون إلى نشر مرض الإيدز في المجتمع:

وأحسن وضعٍ عندهم للإنسان: عندما يرون أبناء هذه الأُمَّــة، شباب هذه الأُمَّــة، يرون الشخص من رجال هذه الأُمَّــة، وقد تحول إلى إنسان مريض، فاسد، دنيء، منحط، فرَّغوه من قيمه الإنسانية، لا يمتلك إباءً، ولا غيرةً، ولا شجاعةً، ولا حريّةً، ولا كرامةً، ولا عزةً، ولا منعةً، ولا عقيدةً، ولا مبادئ، ولا قيم، ولا هدف مقدس في هذه الحياة، يرونه مريضًا بالإيدز، خاملًا، لا يستطيع أن ينتج لأمته شيئاً، لا يمثل رقمًا في واقع أمته، لا في الدفاع عنها، ولا في البناء لنهضتها، ولا في خدمتها، ولا يمثل شيئاً حتى لأسرته، هي الحالة التي تروق لهم، أن يتحول أبناء الأُمَّــة وشباب الأُمَّــة، الذين يُفترض أن يكونوا هم عماد نهضتها، أن يتحولوا إلى تلك الحال.

  • وهدفهم أَيْـضاً في تلك الحالة -أيضًا- تدمير الوضع الاقتصادي، مع اهتمامهم أَيْـضاً بتدمير الوضع الصحي في بلداننا بشكل عام:

ولذلك كلما ارتبطت أنظمة شعوبنا، حكومات بلداننا، بتوجّـهاتهم على المستوى الصحي، بمنتجاتهم، بسياساتهم، بطريقتهم، التي يقدمونها لهذه الأُمَّــة؛ كلما كثرت الأمراض، كلما كثرت الأوبئة، كلما تردى الوضع الصحي، كلما أتت ونشأت أمراض جديدة تفتك بالمجتمع، وهم يلحظون ما يضر بمجتمعاتنا، سواءً في إنتاجهم الغذائي، أَو فيما ينتجونه في بقية الأمور، كالأدوية، وغيرها، أَو في الطريقة نفسها، السياسات الطبية التي يعتمدونها.

من ضمن ذلك أيضًا: الغازات والمبيدات، التي تصنع عندهم هم، على أَسَاس الاستفادة منها في الزراعة، فتتحول من مبيدات حشرية إلى مبيدات بشرية، تفتك بالناس، تقتلهم، تنشر الأمراض القاتلة في أوساط الناس، كثيرٌ من الغازات الضارة جِـدًّا، التي ينتجونها هم، ويشتريها التجار في بلداننا، تتحول إلى وسيلة لقتل شعوبنا: تنشر مرض السرطان بشكلٍ كبير، تنشر مرض فيروس الكبد بشكلٍ كبير، تنشر أمراضا أُخرى تفتك بالأجسام البشرية، سموم، تفتك بصحة المجتمع، وتتحول إلى وسيلة قتل لمجتمعنا، وهذا أمر خطير وكارثي، ووسيلة من وسائل استهدافهم الضارة للأُمَّـة.

ثم هم يعرفون أنهم: من خلال الإفساد والإضلال للإنسان، إذَا فسد وضل، فهو يتحَرّك تلقائيًّا لخدمتهم، لتنفيذ مؤامراتهم، للتحَرّك بما يفيدهم وينفعهم، تلقائيًّا، لا يحتاج إلى عناء، لا يحتاج إلى تعب، تصبح توجّـهاته نفس توجّـهاتهم، توجّـهاتهم: إضلال، إفساد، هو عندما يضل ويفسُد، يتحول إلى عنصر يتحَرّك بفساده وضلاله في أوساط المجتمع، ولذلك هم يستفيدون:

  • من انتشار الفساد.
  • من ضلال الناس.
  • وممن فسد؛ لأَنَّه -تلقائيًّا- يتجه في نفس اتّجاههم، وهذا ما حذّر القرآن منه، حينما قال الله: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة : من الآية52]، يبادرون هم، لا يحتاج أن ينتظر إلى أن يستقطبوه، يتحَرّك في نفس التوجّـه، فيعمل على أَسَاس ذلك.
  • أمام هذا كله، يجب أن نستحضر الصراع معهم في هذه الميادين كلها، وأن نسعى لأن نتحصن منهم، وأن نخوض معركتنا في مواجهتهم، ومواجهة أساليبهم في كُـلّ مجال من المجالات:

أن نعي ما يسعون له، كيف يعملون، وماذا علينا أن نعمل في المقابل؛ لندرك طبيعة الصراع معهم، أنه في كُـلّ ميدان، في كُـلّ مجال، فلنتحَرّك في كُـلّ مجال، ونحن نحمل هذا الوعي، هذه الروحية الواعية، الإيمانية، الجهادية، في التصدي لهم، فهم أعداء حاقدون، لا يودون لنا أي خيرٍ أبدًا، حتى الخير من الله، الله يقول: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ وَلَا الْـمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة: من الآية 105]، فكيف نتوقع الخير فيما يأتينا من جانبهم؟ إنما هو شر، حتى لو كان بغطاء خير في عناوينه، فهو كخداع الشيطان، عندما قال لآدم: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: من الآية 120]، وهو يريد أن يجرده حتى من ملابسه، يريد أن يجعله يخسر تلك الجنة، وما فيها من العيش الرغيد، وأن يخرجه من ذلك النعيم والراحة، إلى الشقاء التام.

  • في المجال العسكري، نعرف ما يفعلون عندما يضربون الأُمَّــة، ويستهدفونها، لا يتردّدون في فعل أي شيء، في ارتكاب أي جرائم:
  • سواءً ما يباشرونه هم من حروب:

ما يفعلونه في فلسطين، ما فعلوه في لبنان، ما فعلوه في العراق، ما فعلوه في أفغانستان، ما فعلوه في مناطق أُخرى، يفتكون بالناس بأفتك وأخطر أنواع الأسلحة، يقتلونهم بشكلٍ جماعي، يقتلون الأطفال، والنساء، والرجال، والكبار، والصغار، والمدنيين، والآمنين، والكل، وبجرائم جماعية، القتل الجماعي، الإبادة الجماعية، تضيع كُـلّ العناوين: لا يبقى حقوق إنسان، ولا يبقى حقوق امرأة، يقتلون النساء بشكل ذريع، يقطعوهن إلى أشلاء بقنابلهم المدمّـرة والفتاكة، لا يبقى حقوق الطفل، يقتلون حتى الأجنة في بطون أُمهاتهم، يقتلون الأطفال الرضع في أحضان أُمهاتهم، يمزِّقون المجتمع، يدمّـرون المساكن والبيوت، يقصفون المدن والقرى، يستهدفون المصالح العامة للناس.

  • أو الحروب التي يشرفون عليها، وينفذها أدواتهم، وأياديهم:

تلحظ فيها الوحشية والإجرام، الذي يقدمون له كُـلّ الغطاء (السياسي، والإعلامي)، وبما أن المسألة؛ مِن أجلِهم، وفي سبيلهم، وفي تحقيق أهدافهم، وهم مستفيدون منها ماديًّا، وتمثل مصلحةً لهم من جوانب متعددة؛ فلا ضير عندهم أن يُقتل الجميع (كبارًا وصغارًا، أطفالا ونساءً)، وتضيع كُـلّ الحقوق، وتتلاشى كُـلّ العناوين، التي يرفعونها في المكايدات والمزايدات فقط، أين هي حقوق الطفل الفلسطيني؟ أين هي حقوق المرأة الفلسطينية؟ أين كانت حقوق الإنسان، في غزوهم للعراق، وفيما فعلوه بالشعب العراقي، في كُـلّ فترة احتلالهم للعراق، فيما فعله أدواتهم عندنا في اليمن من جرائم وحشية، يندى لها جبين الإنسانية؟ تضيع العناوين؛ لأَنَّه شيءٌ؛ مِن أجلِهم، ولا يتردّدون من فعل أي شيء.

  • فيما يتعلق بقدراتهم العسكرية:

يسعون إلى امتلاك أخطر وأفتك أنواع الأسلحة، حتى السلاح النووي، الأسلحة البيولوجية، الأسلحة الجرثومية، كُـلّ أنواع الأسلحة التي تفتك بالبشر بشكلٍ جماعي، وتبيد أكبر قدر ممكن من الناس، هذا يعبِّر عن وحشيتهم، عن عدوانيتهم، عن نزعتهم الإجرامية الشيطانية.

فيما هم يحاربون الشعوب المستضعفة؛ لكي لا تمتلك، ولا تقتني حتى أبسط الأسلحة للدفاع عن نفسها، حصار شديد جِـدًّا على الشعب الفلسطيني، وعلى المجاهدين في فلسطين، تشترك فيه حتى الدول العربية؛ لكي لا يصل إليهم حتى السلاح المتوسط، لكي لا يمتلكون القدرات العسكرية في الدفاع عن أنفسهم، يريدون أن يبقى الشعب الفلسطيني شعبًا أعزل، مُجَـرّدا من السلاح؛ لكي يذهبوا بالجرافات، لتدمير منازله، وقلع أشجار الزيتون من مزارع أبنائه، وإهلاك الحرث والنسل، دون أن يكون هناك قدرة للتصدي لذلك العدوّ؛ بينما هو يُزوَّد بكل أنواع الأسلحة، ويُمكَّن ذلك العدوّ الصهيوني من كُـلّ القدرات العسكرية، حتى السلاح النووي، لماذا؟!

ويرسخون في الذهنية العامة، في أوساط الشعوب، والبلدان، والأمة: أن الشيء الحضاري لأمتنا، أن تكون أُمَّـة ضعيفة، عزلاء، لا تمتلك القدرات في الدفاع عن نفسها، وتصبح تهمة، تهمة أنه وصل إلينا في اليمن سلاح لشعبنا العزيز وجيشه الباسل في الدفاع عن نفسه، وإنجاز كبير أنهم أعلنوا عن اكتشاف شحنة من الأسلحة البسيطة، حتى البنادق، ويتهمون أنها كانت موجهة إلى شعبنا، وأن هذا أمر خطير، ومعيب، ولا يليق، ولإنجازهم الكبير تمكّنوا من السيطرة عليها، وهكذا في محاربتهم لبقية أبناء الأُمَّــة.

  • هـــم أعداء:
  • يسعون إلى تجريد الأُمَّــة من كُـلّ عناصر القوة، على المستوى العسكري، والاقتصادي، والاستقرار السياسي، والمنعة، والعزة، وضوح عدائهم كافٍ بما لا يمكن الجدال فيه؛ إنما التعامي نتيجة العمى عنه، نتيجة الأهواء.
  • يحرقون المصاحف.
  • يسيئون لرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”.
  • يقتلون أبناء الأُمَّــة الإسلامية، ويستبيحون دماءهم.
  • يحتلون الأوطان.
  • ينهبون الثروات.
  • يفرضون لهم قواعد عسكرية لإذلال الأُمَّــة، وإركاعها، وإخضاعها، والسيطرة عليها، في كُـلّ المواقع الاستراتيجية، في الجغرافيا التي تمتلكها هذه الأُمَّــة (في هذا البلد، أَو ذاك)، في البحار، في المضائق.
  • يتجهون أَيْـضاً إلى منع أية نهضة -لهذه الأُمَّــة- اقتصادية، تقوم على أَسَاس صحيح.
  • يحاربون هذه الشعوب بالحصار، بالسياسات المدمّـرة لكل شيء: للاقتصاد، للبناء، لكل شيء.
  • يتجهون لمحاربة كُـلّ صوت حر من أبناء هذه الأُمَّــة، يسعى إلى عزة هذه الأُمَّــة، وإلى تحقيق الحريّة لها، والاستقلال لها، وإلى الدفاع عن كرامتها، وعن حقوقها المشروعة.
  • يعملون بشكلٍ دؤوب في الإضلال والإفساد.
  • يسعون -وهذا ما لاحظناه مؤخّراً، وهي خطوة خطيرة جدًا- إلى منع سيادة الإسلام في بلداننا، يُفرِّخون وينشئون ديانات جديدة، ينشرونها في مجتمعاتنا: البهائية، الأحمدية، ديانات أُخرى غريبة على مجتمعاتنا، مخالفة للإسلام، ثم يحاولون أن يفرضوا لها حقوقًا، ما يسمونه هم بالحقوق السياسية وغيرها، ثم يمنعون سيادة الإسلام؛ بحجّـة أن هذا البلد فيه أديان متعددة، لا يمكن أن يبقى الإسلام سائدًا فيه، وهذه طريقة شيطانية، وغير مقبولة، وغير منصفة أصلًا، غير منصفة أصلًا؛ إنما هي من محاربتهم للإسلام.

أمام كُـلّ هذا العداء والتحَرّك الشامل لاستهدافنا في كُـلّ مجال، وأمام ما يقوم به البعض من أبناء الأُمَّــة، من تولٍ لهم، من تفاعل معهم، من استجابة لهم، فَــإنَّنا ندرك أن الطريق الصحيح: هو الموقف القرآني، الذي يشكل وقايةً للأُمَّـة، حصنًا للأُمَّـة ومنعةً للأُمَّـة، وحاجةً للأُمَّـة، وضرورةً للأُمَّـة، الأُمَّــة أمام ذلك الظلم، الفساد، الضياع، بحاجة إلى إنقاذ، إلى إنقاذ، إلى منعة، إلى عزة، إلى ما يحميها من شرهم، كُـلّ ذلك شر: فسادهم، ضلالهم، ظلمهم، الذي يحاولون من خلاله أن يسيطروا علينا، أن ينهبوا ثرواتنا، أن يستغلونا، أن يستعبدونا، أن يقهرونا، كُـلّ ذلك شر كبير يستهدف هذه الأُمَّــة.

الموقف القرآني الذي يدفع بنا إلى التصدي لهم، وفق توجيهات الله وتعليماته، هو الموقف الصحيح، والناجح، والمجدي، وَإذَا كان لدى البعض يأس، أَو يحمل عقدة الاستسلام، والضعف، وفقدان الأمل، فهو ناتجٌ عن قلة وعيه، عن ضعف إيمانه، عن عدم فهمه، لا للحياة، ولا للواقع، ولا للقرآن الكريم.

الخسارة الحتمية هي في:

  • أن تستسلم الأُمَّــة.
  • أو أن تواليهم، وهم لا يقدِّرون الولاء لهم.

ماذا فعلوا حتى تجاه تلك البلدان، التي اتجه البعض فيها حتى لتعديل المناهج الدراسية، وتقديم الصهاينة في المناهج الدراسية كأصدقاء، هل عدَّل الصهاينة في مناهجهم الدراسية شيئاً؛ مِن أجلِهم؟ هل أدخلوا في مناهجهم الدراسية أن العرب أصدقاء، وأن الإماراتيين أصدقاء وأحباء؟ أم أن في ثقافتهم، وعقائدهم، ومناهجهم، ما يرسِّخ النظرة إلى المسلمين، وإلى العرب بالذات، إلى أنهم كائنات غير بشرية في الواقع؛ إنما هم أشباه البشر، أمثال البشر، بشكل البشر؛ ليكونوا في خدمة بني إسرائيل، وليليقوا بخدمة اليهود الصهاينة، لا يفعلون شيئاً في مقابل الخطوات التي فيها تذلل، فيها نفاق، فيها ظلم؛ مِن أجل التودد إليهم من بعض البلدان العربية، لا يفعلون لهم أي شيء في المقابل، يسخرون منهم، الله قال وهو أصدق القائلين: {هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ}[آل عمران: من الآية 119]، مهما فعل الإنسان يبقى مكروهًا أمامهم، يبقى ذليلاً.

مهما كانت هذه الهجمة على أمتنا، ومهما كانت حالة الارتداد أمام هذه الهجمة في داخل أمتنا، فلا يأس، بل إن الوعد الإلهي الصادق، الذي لا يتخلف، ولا يتبدل، بشَّر الأحرار من أمتنا، المؤمنين من أمتنا، المستجيبين لله من أمتنا، أنه في ظل تلك الهجمة، التي قابلتها تلك الحالة من الارتداد، يأتي الفرج، يأتي الخلاص، يأتي النصر، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة: الآية54]، أمام حالة الارتداد يأتي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بهؤلاء القوم، بهذه المواصفات الراقية العظيمة، التي تؤهلهم إلى أن يكونوا على أعلى مستوى من الثبات، بل ومن الفاعلية، من الحفاظ على مبادئهم، وقيمهم، وأخلاقهم، وشرفهم، وكرامتهم، وحريتهم، وعزتهم، وإيمانهم، ودينهم، ومبادئهم، يتحَرّكون بهذه المواصفات العظيمة والمميزة.

هداية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم:

  • فيما يهدي إليه من مواقف، من أعمال، توجّـهات.
  • فيما يكشف به حقيقة الأعداء.
  • فيما يرشد إليه في سبيل التصدي لمؤامراتهم.

هي طريق النجاة، والفلاح، والفوز، وهي التي تدفع نحو هذه المواصفات، المواصفات التي ينبغي أن تكون محط تركيز، محط اهتمام، وأن نسارع إليها، بدلًا من المسارعة في أعدائنا، فيما فيه هلاك أمتنا، ذلة أمتنا، سقوط أمتنا، أن نسارع إلى هذه المواصفات الراقية، بدءًا من التمسك بولاية الله تعالى، ورفض ولاية أعدائنا؛ لأَنَّها ولاية شيطانية، ولاية ضارة، ولاية تُضعِف الأُمَّــة، تُذِل الأُمَّــة، تقهر الأُمَّــة، تذهب بدينها، ودنياها، وعزتها، ومستقبلها، وحاضرها، وآخرتها، ولاية هلاك، إذلال، قهر، هوان، ولاية عدو حاقد، مبين، سيء، دنيء، مفسد، مضل، مرتبط بالشيطان، فلا ينبغي أن نقبل بولايتهم؛ لأَنَّها امتداد لولاية الشيطان.

ينبغــي أن نسعى لفك الارتباط بهم، على المستوى الفكري والثقافي، وتحقيق الاستقلال على أَسَاس من انتمائنا الإسلامي، وأن نتمسك بالقرآن والرسول، وقرناء القرآن، والقيادات المهتدية بالقرآن، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}[آل عمران: من الآية101]، نور الله، الذي يعطينا الوعي، يمنحنا النور، والوعي الكافي، أمام كُـلّ ضلالهم، الذي يأتي بشكل أبحاث، ودراسات، وأفكار، وتصورات، وأوامر، وغير ذلك.

أن نتحَرّك كما أرشد الله في القرآن الكريم في مواجهتهم، في الجهاد في سبيل الله: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}[المائدة: من الآية54]، الجهاد في سبيل الله في كُـلّ المجالات والميادين؛ لنواجههم، ولنتصدى لهم في كُـلّ ميدان، نعرف ماذا يريدون، ماذا يخططون، ماذا يسعون له، ماذا يهدفون إليه؛ فنتصدى لهم ونحن نحمل الروحية الجهادية.

وفرقٌ كبير جِـدًّا، ما بين السماء والأرض، وما بين الثريا والثرى، مِن أن يتحَرّك الإنسان بشكل روتيني، بارد، باهت، غير واعٍ بالمخاطر، ولا يحمل الشعور تجاه ما يتهدّد هذه الأُمَّــة، ولا يحمل الشعور بالمسؤولية تجاه ذلك، وأن يتحَرّك في كُـلّ مجال، في أي ميدان، وهو يحمل الوعي، يحمل الشعور بالمسؤولية، يحمل الروحية الجهادية، يدخل في الميدان السياسي وهو يتصدى لمؤامرات أُولئك الأعداء.

ونسعى في كُـلّ مجال من المجالات، نسعى للعودة إلى القرآن الكريم؛ للتمسك بما قدمه الله ربنا، الرحيم بنا، الكريم، العظيم، الذي يريد لنا الخير، يريد لنا الفلاح، يريد لنا النجاة:

  • على مستوى الجهاد في سبيل الله في كُـلّ المجالات: أن نسعى للانتقال من حالة الجمود، إلى الموقف والعمل، إلى التصدي لهم في كُـلّ ميدان، والعمل وفق تعليمات الله القيمة، والبناءة، والراقية، والحكيمة، والمفيدة، والنافعة، وأن نتوجّـه عكس توجّـهاتهم.
  • على المستوى السياسي: نسعى للارتباط بهدى الله، بتعليمات الله، بمنهج الله، بتحقيق الاستقرار السياسي على أَسَاس ذلك، إلى المعايير الإيمانية، والأخلاقية، والقرآنية.
  • على المستوى الاقتصادي: لنكون أُمَّـة منتجة، لنكون أُمَّـة منتجة، ومقاطِعة لهم، مقاطعة لبضائعهم، مقاطِعة لما يأتينا منهم، لا نكون مساهمين معهم بأموالنا في التآمر علينا.
  • في التعليم: ليكون بنّاءً في أثره في الإنسان ونفعه للحياة، وأثره الإيماني، والتربوي، والأخلاقي، والقيمي، والعناية بالعفة في التثقيف، لنجعل من الثقافة القرآنية أَسَاسا لثقافتنا.
  • في الاعتصام بحبل الله تعالى: الاعتصام الجماعي بحبل الله، وأن ننبذ ما يقدمونه لنا مما يفرقنا، ويبعثرنا، ويجزئنا.
  • بإعداد القوة في كُـلّ المجالات، وفي المقدمة القوة العسكرية.
  • في السعي لتحقيق النهضة الحضارية الإسلامية.

الموقف منهم يعود ويرتبط إلى إيماننا بالقرآن الكريم، وإلى اهتدائنا بالقرآن الكريم، والتقوى، التي أتى الأمر بها، في سياق الخطر الذي يتهدّد أمتنا من جانبهم، أتى الأمر بها بشكلٍ مميز، لا مثيل له في أي سياقٍ آخر في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِـمُونَ}.

  • وأن نثق أن طريق القرآن هو الناجح، هو الذي يكفل لنا الفوز في الآخرة، والنصر في الدنيا، والنجاة من سخط الله.
  • وأن نستفيد مما نراه في واقع أمتنا، من مظاهر الرعاية الإلهية، والعون الإلهي، والتأييد الإلهي، للمجاهدين من أبناء الأُمَّــة، ما عشناه من تجربة في اليمن، ما نراه فيما تحقّق للمجاهدين في فلسطين، ولبنان، والعراق، وسائر أبناء أمتنا الإسلامية، ما تتمتع به الجمهورية الإسلامية في إيران، من منعة، وعزة، وقوة، وحريّة، واستقلال، ندرك أن التولي لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو طريق النصر، وأن نحظى بنصره، بمعونته، بتأييده، كما قال “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة : من الآية-56].
  • ونثق ونؤمن أن النتيجة الحتمية لمآل الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين: هي الهزيمة والزوال، هذه عقيدة إيمانية، آية قرآنية تأكيد للحقائق التي أكّـدها الله في القرآن الكريم، ويشهد لها الواقع، الله يقول: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أول مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الاسراء: من الآية7].

ولذلك عندما نتحَرّك لمواجهة ذلك الكيان الصهيوني، والموقف منه وفق هداية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ووفق مقتضيات الفطرة والحقوق المشروعة للناس، فلْنطمئن إلى أن مآله هو الزوال، وأن عاقبته المحتومة هي الهزيمة، وأن هذه نهاية مرسومةٌ له أكّـد عليها مَن؟ الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الذي يدبر أمور السماوات والأرض، وله ملك السماوات والأرض، ولذلك نتحَرّك بكل أمل، بكل ثقة، لا خطر علينا إلَّا من تقصيرنا، ولا مشكلة علينا إلا من إهمالنا وتفريطنا؛ أمَّا بالتقوى لله حق تقاته، الاهتمام، والجدّية، والتحَرّك الواعي الصادق، بالروحية الجهادية، فهو التحَرّك الناجح، الذي به مرضاة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفوزنا، وعزتنا، وكرامتنا، ومنعتنا، والخير لنا في الدنيا والآخرة.

ولذلك فَــإنَّنا ننطلق من هذا المنطلق القرآني، بكل إيمان، بكل ثقة، ما يحاول الأعداء أن يصوروه، تجاه أي توجّـه كهذا، وكأنه مُجَـرّد عمالة لإيران، وتأثر بإيران، وعلاقة مادية بإيران: هو افتراء، هو بهتان، هو تشويه لهذا الموقف، إيران -بنفسها- تقف هذا الموقف من منطلق إيماني، وعقائدي، وديني، أبناء الأُمَّــة الأحرار، بما فيهم أحرار فلسطين، بما فيهم المجاهدين في فلسطين، يتحَرّكون من هذا المنطلَق، نحن نتحَرّك من منطلق قرآني، يجمعنا بأحرار أمتنا، بأبناء أمتنا، الذين يتحَرّكون وقد سَلِمَت لهم فطرتهم، ليس في قلوبهم مرض؛ لأَنَّ الموقف من عدو، كالعدوّ الصهيوني، واللوبي الصهيوني في العالم، ومن ورائه من أمريكا والغرب، الموقف منهم هو موقف طبيعي، موقف فطري، موقف سليم، هم عدو، يستهدف أمتنا، يحتل الأوطان، يقتل الناس، ينهب الثروات، فكيف يأتي البعض ليروِّج بأن تُقِّبل تلك اليد، التي تصفعك، وتعتدي عليك، وتقتلك، والتي تسخر من مبادئك وقيمك، تحارب دينك، تستهدف مقدساتك؟!

موقفنا هو موقفٌ قرآني، علاقتنا بأبناء أمتنا الأحرار، وتعاوننا معهم، وتظافر جهودنا معهم، بل وسعينا إلى أن نكون متوحدين إلى أرقى مستوى في هذا الموقف من أعداء أمتنا، هو شيءٌ نفخر به، هو واجبنا الإنساني، والأخلاقي، والقرآني، والإسلامي، هو عنصر قوة لنا، مهما تحدث عنه الآخرون بضجيجهم، وكل تحَرّك في هذا السياق هو بروحيتنا الجهادية الإيمانية، ومنطلقنا القرآني الإسلامي، الذي نتقرب به إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ونلتمس منه نصره ومعونته ورضاه.

وفي هذا السياق أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد، يوم القدس العالمي، بحضورٍ جماهيريٍ كبيرٍ وحاشد؛ ليعبّر عن هذا الموقف الإيماني:

  • في العداء لأعداء أمتنا.
  • في الموقف من العدوّ الصهيوني.
  • في المناصرة للشعب الفلسطيني.
  • في التأكيد على وحدة موقفنا، مع الأحرار من أمتنا، مع المجاهدين في فلسطين، مع محور الجهاد والمقاومة.

وللتأكيد على استعدادنا وحضورنا لأن نخوض أيةَ معركة فاصلة وحاسمة، ضد ذلك العدوّ الصهيوني، الزائل حتمًا، الذي هو عبارة عن كيان مؤقت زائل، وقريبٌ زواله، بدأ الشرخ الكبير فيه من الداخل، يهزه من داخله، وبدأت النتائج الإيجابية لتوحد وتعاون وتنسيق أحرار الأُمَّــة تتجلى في ثمارها المؤثرة والواعدة، والتي تكون ثمرتها في المستقبل -إن شاء الله تعالى- تحقيق الوعد الإلهي، والنصر الحاسم.

نَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أن يُوَفِّقَنَا وَإيَّاكُمْ لمِا يُرضِيهِ عَنَّا، وأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَنَسْأله أَنْ يَتَـقَـبَّل مِنَّا وَمِنْكُمُ الصِّيَامَ، وَالقِيَامَ، وَصَالِحَ الأَعْمَالِ.

وَالسَّــــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتـــُه.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com