نهايةُ حقبة ما بعد الحرب الباردة..بقلم/ د. فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي

يمكن أن ينفد الوقت وأن نعود لخيارات ضاغطة للحصول على حق شعبنا في ثروته، لن نقبل بالتفريط في إنجازات ومكتسبات شعبنا في الحرية والاستقلال، وهذه خطوط حمراء.

 

صرّح وزيرُ الخارجية الأمريكي، بلينكن، مؤخرًا بأن حقبةَ ما بعد الحرب الباردة قد انتهت، وأن هناك منافسةً قائمةً لتحديد نظامٍ عالميٍّ جديدٍ، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للعب دور مركَزي في تحديد ملامح النظام المرتقب، وأشَارَ بلينكن إلى أن الصين هي المنافِسُ الرئيسي في هذا المسعى.

وترى أمريكا أنه من خلال حرب أوكرانيا يمكنُ إلحاقُ هزيمة استراتيجية بروسيا؛ بهَدفِ إقصائها من التنافس القائم على تحديد ملامح النظام الجديد؛ ولذا فهي تقومُ بتقديم المساعدات العسكرية والاستخبارية وغيرها لأوكرانيا، وتحُثُّ حلفاءَها على عمل نفس الشي، كما تعملُ أمريكا وحلفاؤها في أُورُوبا على مواجهةِ طُموحات الصين في هذا الشأن، وتقدِّمُ نفسَها على أنها تأخُذُ على عاتقِها تنظيمَ السلام في العالم، وأنها تعملُ على نشر قيم الديمقراطية والحرية، وأنها حريصةٌ أن تكون تلك الأهدافُ من ملامح النظام العالمي الجديد.

إنَّ الإعلانَ الأمريكي بانتهاء حقبة ما بعد الحرب الباردة، التي بدأت بعد انهيار الاتّحاد السوفيتي عام 1990م، يُعتبَرُ إعلانًا خطيرًا جِـدًّا، وله تأثيرٌ كبيرٌ على مختلف شعوب العالم، ويبدو أن أمريكا قد استعدَّت لهذه المرحلة الجديدة، من خلال حشدِ حلفائها وراءها في هذه المنافسة، ولديها الرغبةُ الواضحةُ في الانفراد بالسيطرة على العالم وتزعُّمِ النظام العالمي الجديد منفردة، وأنها تعمَلُ على إقصاء جميع المنافسين، بطرق شرعية أَو غير شرعية؛ فقد استدرجت روسيا إلى مواجهة عسكرية شرسة في أوكرانيا، وتعمل على تفكيكِ المعسكر القريب من الصين، من خلال التهديد بالعقوبات، وكل يوم نسمعُ بعقوباتٍ جديدةٍ على الدول المحسوبة على ذلك المعسكر؛ بهَدفِ إفقادها القدرةَ على التنافس.

وخلالَ التنافس القائم بين الدول العظمى على تحديد ملامح النظام العالمي الجديد؛ نجدُ أن الدولَ العربية والإسلامية، باستثناء إيران، خارج حساباتِ الدول المتنافسة، ولا نلمَسُ لها تأثيرًا في ما يجري، برغم إمْكَانياتها المالية والبشرية الهائلة، فهي غائبةٌ أَو مغيًّبة، وتاركةٌ مصيرَها في يد أمريكا.

ويأتي المشروع القرآني في اليمن في خضم هذا التنافس الخطير على مستقبل العالم؛ ليرسُمَ للأُمَّـة طريقًا جديدًا يحفَظُ لها حريتَها واستقلالَها، وَإذَا التزمت الأُمَّــةُ بهذا الطريق سوف تتمكَّنُ من إرغامِ الدول العظمى على أخذِ مصالحِها في الاعتبار أثناءَ تحديدِ ملامِحِ النظامِ العالميِّ الجديد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com