يُرِيدُون الأرضَ مقابل السلام..بقلم/ عبدالإله محمد أبو رأس

 

إننا في ظِل تحالف عدواني لا يعرفُ دينًا ولا ملة، يستمرون في ارتكاب الخُروُقات وينتهكون المحرمات، ويُدنسون أقدس المقدسات، ويراوغونُ على مائدة المفاوضات، ويفسدون مكارم الأخلاق، ويماطلونُ في إحلال السلام، يرتكبون أبشع الجرائم المحرمة شرعاً وديناً وأخلاقياً وقانونياً ودوليًّا، ويتخذون لعدوانهم اليوم أسماء جديدة فنهب ثروات الوطن تسمى إعادة الشرعية، والاستعمار استيطاناً، وقتل الأبرياء محاربة الإرهاب، وتعذيب السجناء يطلقون عليه شرعية قانونية، هكذا بكل وقاحة يُسنون لظلمهم قوانين وقواعد جديدة تبيح وتحرم.

إننا اليوم أمام الباغي الأصغر ومن خلفه الباغي الأكبر يريدُ أن يدفعنا إلى الاختيار الأصعب، ونحنُ مقابل ذلك لا يمكننا أن نقف مكتوفِ الأيدي أمام هذا العدوان؛ لأَنَّ العدوان هذه المرة يريدُ إخراجنا من أرضنا ويستولي على خيرتنا ويعبث بمقدراتنا، ويُقتِل أطفالنا، وينتهك أعراضنا، ويُهدم صوامعنا، ويُعيثُ في الأرض جُرماً وظلماً وفساداً، ويجعلنا أذلاءً تابعين ومُنقادين وخاضعين للهيمنة والوصاية والاستعمار، ويريدُ أن نكون لاجئين مطرودين بالأبواب، وعبيدًا متسولين لقمة العيش على قارعة الطريق.

إن الاعتداء على كلبً ضال في مدينة غربية تعقبه مسيرات احتجاج في الشوارع من أعضاء جماعة الرفق بالحيوان فما بال أُولئك من الجرائم التي ترتكب في حق الشعب اليمني، إنها جرائم شنعاء توقظُ الموتى من قبورهم غضباً.

يرتكبون جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها والمجرمة في القوانين والمواثيق الدولية، ومع ذلك المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتناقضة في تحالف مُستمرّ، حتى على مستوى الإعلاميين والصحفيين تم إسكاتهم عن نشر ما يُمارس من انتهاكات صارخة مقابل دراهم معدودة، عدوان عربي يستمد قواه من دول القمع والاستبداد والاستكبار، يستخدمون أفتك الأسلحة المحرمة دوليًّا، ويُشرعِنون حربهم لتدمير وطني وممتلكاته ومقدراته ومنشآته وتدمير البنية التحتية وإخضاعنا لهيمنة وسيطرة دِويلات الجِوار ومن يقودهم تحت غِطاء شرعي وتزييف إعلامي.

عن أية شرّعِيةً يتحدث هؤلاء؟ شرعية القتل والتدمير، أم عن شرّعنة الحصار والتجويع؟ أم عن قرارات مجلس الأمن العدوانية وأدواته الطيعة؟ أم عن شرعية احتلال الأراضي ونهب الثروات، والاستيلاء على المقدرات وغلق الموانئ والمطارات؟ أم عن الغازي المحتلّ المتنكر في ثوب الإنقاذ تنفيذًا للرغبة الطموح في ميراث أرض الاستعمار القديم؟ أم عن مشروعية حظر الحسابات الفيسبوكية؛ لأَنَّها تخالف المعايير المجتمعية كما يزعمون، أصبحت الكتابة عن مظلومية الشعب اليمني وفضح دسائس وجرائم العدوان في وسائل التواصل الاجتماعي تسمى انتهاك المعايير المجتمعية، عن أي معايير تتحدثون تباً لكم وَلمعاييركم الساذجة، ولقوانينكم الدولية الزائفة ولحقوقكم الإنسانية الكاذبة ولتحالفاتكم العدوانية المتكالبة.

نريد أن نفهم اليوم، لماذا تشعل أمريكا فتيل الصراع في المنطقة؟ ثم لماذا تأتي لإطفائها؟ مِن أجل ماذا؟ مِن أجل جمع كُـلّ الثروة البترولية التي في أيدي الشيوخ بمقتضى فواتير سخية وأرقام دولارية فلكية، وعلى الجميع أن يدفع ولا يجرؤ أحد أن يعترض، فقد جاءت إلى الحرم البترولي مدعوة ونزلت بأرض المعارك كمنقذة وملاك رحمة.

ما الذي يريدهُ تحالف العدوان اليوم من خلال تعقيدهُ للأمور والمماطلة في إيجاد الحلول؟ هل المطلوب منّا أن نتراجع إلى الحائط؟ رغم أننا أصحاب الشرعية وأصحاب الأرض وأصحاب الحق، أم يريدون الأرض مقابل السلام؟ أم يريدون أن يكون الشعب اليمني مُجَـرّد عملاء للأمريكيين والإسرائيليين وأدواتهم المُطبعة والطيعة التي يتم التحكم بها عن طريق كنترول عن بعد؟ أتريدون أن نكون أذلاء كما أنتم عليه الآن كلاباً مسعورة يطلقها سيدها على كُـلّ من يصرخ بوجهه؟ حاشا وكلا والأرض أرضنا والمستقبل مستقبلنا، وخيار القوة إن كان خياراً صعباً علينا فهو خيارٌ أصعبٌ على الأعراب الأشّدِ كُفراً وظلماً ونفاقاً.

وإذا استمرت العجرفة والجلافة والرفض للأيدي الممدودة للسلام؛ فسوف تكون الخيارات الاستراتيجية القادمة خطوة أوسع نحو الردع، والموازين اليوم قد انقلبت رأساً على عقِب، فمن كان بالأمسِ في مرحلة الدفاع، أصبح اليوم من أولى خيارته الهجوم، لذلك مهما تمادى الأعداء ومهما جاروا وحَشَدُوا وصَعَدُوا وجَنَدُوا وأغروا واخترقوا جسور السلام مصيرهم الرحيل من أرضنا دون قيد أَو شرط، وممالك العهر والذل والهوان هي الأمر العارض العابر في منطقتنا، وعمرها لم يتجاوز بِضع سنين؛ فمصيرها ومصير الدخلاء الغاصبين الخروج من بلادنا مهزومين طال الزمن أَو قَصُرَ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com