ندوةٌ بصنعاء عن الذكرى السنوية للشهيد عبد الكريم الخيواني

المسيرة – خاص

أقامت لجنةُ دعم الصحفيين وبالشراكة مع وزارة الإعلام، يوم أمس، بصنعاء ندوةً خَاصَّةً عن الذكرى السنوية للشهيد عبد الكريم الخيواني، تحت عنوان (الخيواني.. كلمة لا تموت) بحضور وزير الإعلام الأُستاذ ضيف الله الشامي، ووزير حقوق الإنسان الأُستاذ علي الديلمي، وعدد من مسؤولي الدولة وكوكبة من الإعلاميين والناشطين والحقوقيين.

وتزامن مع الفعالية إطلاق جائرة الخيواني للصحافة والإعلام، والتي ستمنح سنوياً لأي إعلامي تتوافر أَو تنطبق عليه الشروط والمعايير التي تضعها اللجنة، وقد بادت اللجنة بمنح الجائزة لهذا العام للإعلامي يحيى الشامي مراسل قناة المسيرة، والذي كانت له بصمة واضحة في تغطية الكثير من التقارير المتعددة وأبرزها التقارير الحربية في جبهات القتال، وظهر أكثر من مرة وهو ينفذ تقارير من بين الغبار والقصف.

وخلال الفعالية التي حضرها كذلك عدد من أعضاء مجلس الشورى، أكّـد وزير الإعلام الأُستاذ ضيف الله الشامي، أن الشهيد الخيواني كان مدرسة متكاملة في القيم والأخلاق، وكان قوي المنطق وقوي الحجّـة، وامتاز بأُسلُـوب استطاع من خلاله إقناع الآخرين، وأن يواجههم بالحجّـة الدامغة، مُشيراً إلى أن الشهيد الخيواني كان دائماً ما يتعرض للمضايقات، فتعرض للتعذيب والسجن؛ لأَنَّه كان مناصراً للحق وللمظلومين في زمن الصمت وسكوت الآخرين.

وواصل قائلاً: “كان الشهيد من أبرز الإعلاميين الذين كنا نتواصل معهم خلال حروب صعدة الظالمة، وكان يتفانى بكل ما يملك من قوة وبكل ما أوتي من إمْكَانيات، لأن يصل بهذا الصوت والمظلومية إلى جميع أنحاء العالم”، مذكراً بما حدث في تلك الحروب من جرائم ارتكبها نظام الخائن عفاش، ومن بينها جريمة الطلح التي قتل فيها نساء وأطفال، وتم توثيق الجريمة من قبل المجاهدين توثيقاً متكاملاً، غير أن المنابر الإعلامية في ذلك الوقت لم تكن تجرؤ على بثها أَو الحديث عنها”.

ويشير الوزير الشامي إلى أن الشهيد الخيواني لما علم بهذه الجريمة، ووصلت إليه المعلومات من صعدة، سافر مباشرة إلى خارج اليمن، ونقل المظلومية هناك، وعاد وهو يدرك جيِّدًا أن النظام سيعتقله، وبالفعل فقد زج به في السجن.

وأوضح وزير الإعلام أن الشهيد الخيواني كان ذلك الصوت الذي لا يمكن لأية قوة طاغية أن تسكته، وكان ذلك الرجل الذي لديه الجرأة على قول الحق وكلمة الحق، لافتاً إلى أنهم في الوزارة حرصوا على أن تبقى ذكرى الشهيد الخيواني قائمة وحية، ولذا فقد تم ربطها بإطلاق جائزة سنوياً عبر وزارة الإعلام، وكلّ المتعاونين معها (جائزة الشهيد الخيواني للصحافة والإعلام)، والتي ستكون سنوياً، وسيكون موعد إعلان الجائزة وتسليمها لمن تنطبق عليه الشروط.

واختتم الوزير الشامي قائلاً: “الشهيد الخيواني كلمة لا تموت ولا يمكن أن تموت”.

 

شخصية نادرة:

من جانبه أكّـد وزير حقوق الإنسان، الأُستاذ علي الديلمي، أن الشهيد عبد الكريم الخيواني كان شخصية نادرة، فهو شاعر وسياسي وصحفي وحقوقي وإنسان، وكان يهتم بأدق التفاصيل سواءً في مجال عمله، أَو في تعامله مع الآخرين، مُشيراً إلى أن هناك الكثير والكثير من الذكريات عن الشهيد والحديث عنها ذو شجون.

وأكّـد الوزير الديلمي في كلمةٍ له خلال الفعالية أن الشهيد الخيواني امتاز بقوة الكلمة، وهو يتحدث عن الفساد أَو التوريث أَو عن القتل، وأنه كان لديه الكثير من التفاصيل؛ ولذا تجده عند الجميع، وعند كُـلّ التيارات، يحبونه ويتفاعلون معه ويختلفون معه، لكنهم يحترمونه؛ لأَنَّه احترم القيم التي نشأ عليها.

وأشَارَ إلى أنه من الصعب الحديث عن الشهيد الخيواني في كلماتٍ سريعة، لكن من المهم أن نؤكّـد أنه امتاز بالمبدئية، وكان صلباً وعنيداً، وإنساناً ورحيماً مع الآخرين، وكان لا يخاف سوى الله، وهو ذاك الإنسان الرائع الذي إذَا اختلفت معه ستجد نفسك تحتضنه بعد أَيَّـام، موضحًا أن الشهيد الخيواني كان نموذجاً وشخصية قيادية على الرغم من التهديدات والحبس والمعاناة التي تعرض لها، داعياً إلى طباعة كتبه وأبحاثه وتحقيقاته والاهتمام بها.

بدوره قال مستشار المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، الدكتور عبد العزيز الترب: إن الشهيد الخيواني كان مدرسة، وكان صادقاً مع نفسه، وانتزع من الآخرين احترامه.

وخلال كلمتها التي ألقيت في الفعالية قالت ممثلة لجنة دعم الصحفيين في اليمن، الأُستاذة سارة المقطري: إن إحياء ذكرى الشهيد الخيواني تأتي تقديراً لتضحياته ونضاله الوطني، ولذا فقد كان كلمة الحق التي لا تموت.

وأشَارَت المقطري إلى أن اللجنة حرصت على دعوة قادة الحرف ووسائل الإعلام الذين سخّروا أقلامهم وأصواتهم للنضال؛ مِن أجل الحرية، كما وجهت التحية لأسرة الشهيد الخيواني التي حضرت للمشاركة في الفعالية.

وأوضحت المقطرى أن لجنة دعم الصحفيين قرّرت أن تحيي في كُـلّ عام هذه المناسبة، وتختار صحفياً كي تستمر مدرسة الخيواني.

ويصف محمد عبد الكريم الخيواني والده بأنه الأب والأخ والصديق للجميع، مُشيراً إلى أن اغتيال والده كان بداية لإعلان سفك دماء اليمنيين كُـلّ اليمنيين، وتدمير البلد السعيد، حَيثُ جاء بعدها تفجيرات مسجدي بدر والحشحوش، ضمن المخطّطات الإجرامية التي راح ضحيتها فلذات أكباد الأُمَّــة، وكلّ هذه محاولة لإسكات روح الكلمة على حَــدّ تعبيره.

وأشَارَ إلى أن تلاميذ الشهيد الخيواني يحيون هذه الذكرى وهو حي في وجدانهم، ولم ينسوه في أحاديثهم ومجالسهم وفي كُـلّ مكان، آملاً الاهتمامَ أكثر بأبيه الشهيد؛ لأَنَّ نضاله الوطني كان كَبيراً ولا يجب أن يُنسى.

 

الأشجار تموت واقفة:

واستعرض الباحث والكاتب الصحفي أنس القاضي، في كلمة له بعضاً من حياة الراحل الشهيد الخيواني، لافتاً إلى أنه قبل استشهاده بيوم وقبل 8 أَيَّـام من العدوان لخص مفهوم الوطنية، فقال في منشورٍ له عبر صفحته في الفيس بوك: “الثورة في اليمن رفض التبعية ورفض الوصاية الخارجية ما عدا ذلك فهو مُجَـرّد تغيير للوجوه وصفات العملاء”.

وأوضح أن الخيواني كان في بداية مشواره مناضلاً، ثم وجد نفسه في الصحافة، ففتح قضايا وملفات كانت من المحرمات، وحين خرج من السجن ذات مرة كان واضحًا في تصوره للصحافة، وأجاب على سؤال عما تبحث من وراء كتاباتك؛ فكان جوابه: “أبحث عن حقي كمواطن، أبحث عن الحرية والمواطنة المتساوية عن العدالة عن القيم والأخلاق وعن أهداف الثورة وَالجمهورية.. أنا أعتبر نفسي أكبر جمهوري بأنني كنتُ من أوائل الذين هاجموا التوريث ورفضوا توريث الحكم وتوريث الوظيفة العامة، وَأعتقد أن علي عبد الله صالح بعد 28 عاماً من الحكم يجب أن يؤكّـدَ مبدأَ التداول السلمي للسلطة الذي كان يتغنَّى به”.

وأوضح القاضي أن الشهيد الخيواني كان مؤمناً شجاعاً مدافعاً بصلابة عن موقفه وعن قضيته وكان يرى فيها قضية إيمَـانية وجهادية، منوِّهًا إلى أنه وبعد عام 2005م وجه له أحد الصحفيين سؤالاً: “يبدو أن الطريق الذي سلكته صعبٌ.. ألا تخاف؟”.

فكان رده: “عندي قناعة أن الأعمارَ بيد الله، عندما خرجت من باب السجن قبل أن أغادر البوابة، قالوا لي وبشكلٍ واضح وفي رسالةٍ رسمية بأنني سأموت مقتولاً وأن فلاناً سيقتلني، ومنذ طفولتي أسمع أن الأشجار تموت واقفةً، أعجبتني هذه العبارة وأريد أن أموتَ كالأشجار”.

وبيّن القاضي أن الشهيدَ الخيواني كان يرى في الكتابة نقداً للبناء وللتغيير نحو واقع جديد؛ فكتب بلغة شعبيّة بعيدة عن الابتذال، وكان يقود القارئ نحو أفكار عميقة وقضايا معقدة انطلاقاً من حقائق بسيطة، وفتح ملفات لم يجرؤ أحد على فتحها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com