مديرُ إدارة التوجيه المعنوي بوزارة الداخلية حسن الهادي لصحيفة “المسيرة”: المشروعُ القرآني أتى في مرحلة خشعت الأصواتُ فيها لأمريكا

 

المسيرة – حوار هناء محمد

قال مديرُ إدارة التوجيه المعنوي بوزارة الداخلية حسن الهادي: إنَّ الشهيد القائد يُعتبَرُ مدرسةً متكاملةً ونموذجاً قرآنياً متميزاً، وكان الأشد حرصاً على الأُمَّــة في زمن تمحور فيه الجميع حول أنفسهم.

وَأَضَـافَ في حوار خاص لصحيفة “المسيرة” أن المشروع القرآني انطلق ليعيد للأُمَّـة الأمل في النصر، والطموح في التغيير، والشعور بضعف العدوّ، والإحساس بقوة الإيمَـان، وأنه قدم القرآن كثقافةٍ تمثل الحل الوحيد للأُمَّـة، لبنائها وتطورها، وقوتها في مواجهة أعدائها.

إلى نص الحوار:

 

– بدايةً أُستاذ حسن ما هو تعريفكم لشخصية الشهيد القائد السيد /حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه؟

في البداية نقول: “السلام عليك يا سليل العترة المطهرة، ومؤسّس المسيرة المظفرة، ومزلزل عروش الطغاة والكفرة، السلام عليك يا سيد شهداء المسيرة القرآنية، وعلى دمائك الزكية الطاهرة، السلام عليك يا سيدي يا حسين بن بدرالدين الحوثي ورحمة الله وبركاته ورضوانه”.

إن السيد الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- مدرسةٌ متكاملةٌ، ونموذجٌ قرآنيٌّ متميز في كلامه وحركته، في نظرته ورؤيته، في أخلاقه وسلوكياته، يتجلى القرآن في روحيته، وفي جدّه واهتمامه بأمَّة جده، في إحسانه وخدمته للناس، يتجلى القرآن في قوة شخصيته، وخوفه من الله ورغبته فيما عنده، يتجلى القرآن في شدته على الكفار وغلظته، فيه صبرُ الرسل وعزمُهم، وحرصُهم على الناس وإحسانُهم.

كان حريصاً على هداية الأُمَّــة ومهتماً بشَدِّها إلى الله لإنقاذها، وكان يعزُّ عليه ما يجري عليها وما يحصل لها، من إفساد وظلم، ونهب للخيرات، وانتهاكاتٍ وإساءَات، من سجنٍ وتعذيب لرجالها ونسائها، كما حصل في سجن أبو غريب، وما حصل ويحصل في (البوسنة والهرسك) بحق أبناء الإسلام، وكذلك ما حصل في أفغانستان ولبنان، وما حصل ويحصل في فلسطين والعراق، وكان حريصاً أَيْـضاً على وضع اليمن -وهو يرى ويسمعُ المؤامرات عليه- هو الأشدُّ حرصًا على الأُمَّــة في زمنٍ تمحور فيه الجميع حول أنفسهم، هو الهادي إلى الحق في زمن تعددت فيه الدعوات إلى الأهواء، هو الأصدق في زمن الدجل، وهو الأكثرُ وفاءً في زمن التخاذل، وهو الأشجع في زمن الذل، وهو الأقوى في زمن الضعف، هو النور بما دعا إليه في زمن الظلام.

ومهما طال الكلام فلا وصف يوفي، ولا ثناء يؤدي حق صاحب هذا المقام.

 

– ما هي أبرز الصفات التي تميز بها الشهيد القائد؟

بالنسبة لصفات الشهيد القائد “رضوان الله عليه” فلو دونت الأقلام ولو سجلت الكاميراتُ معشار حياته وحركته وصفاته لشاع ما يملأ الخافقين.. إنه قرين القرآن، هو من جسّد القرآن عملًا وسلوكًا، هو من كان يرى أن مواصفات أولياء الله في القرآن الكريم يجب أن يتحلى بها من يريد رضوان الله، وأنها بمثابة مقياس يتجلى من خلالها للإنسان مستواه! وَيعرف من خلالها مصيره!

فلو وضع كُـلُّ إنسان نفسَه في كفة ومواصفاتِ أولياء الله -في القرآن الكريم- في كفة، لَعَرفَ كُـلُّ إنسان نفسَه.

لقد تجلت تلك المواصفات القرآنية لأولياء الله في شهيد القرآن، في أخلاقه وتواضعه في إحسانه وسماحته، في بشاشته ولطفه، في كرمه وحفاوته، في رزانته وهدوءه، وهنا نذكر بعضًا من صور إحسانه وشجاعته، واهتمامه بالأمور صغيرها وكبيرها.

الشهيد القائد يعتقد أنه ومن باب الحياء من الله تجاه ما أعطى ويعطي “جل وعلا” أن على الإنسان أن ينطلق في أي عمل فيه لله رضا، كبر أَو صغر، مسنون أَو مندوب؛ فالمؤمن لا ينطلق على أَسَاس (المقاصاة) مع الله -سبحانه وتعالى-.

يُحْكَى أنه يوماً حَـلَّ ضيفاً عند أحد المجاهدين في منطقة الرقة، وبعد أداء واجب الضيافة؛ توجّـَه الشهيد القائد برفقةِ من كان ضيفًا عندهم إلى مران، وفي الطريق توقفوا في وادي (ليه) للاستراحة والصلاة، وهناك وضع الشهيدُ القائد قدمَيه في حُفرة ماءٍ ليستريحَ فيها؛ فاجتمع عليه مجموعةٌ من الأسماك على قدمَيه، فأدرك الشهيد القائد جوعَها.

وبعد أدائهم للصلاة واستراحتهم؛ واصلوا الطريق صوب مران، وهناك حَـلّ من كان الشهيدُ القائدُ ضيفًا عندهم بالأمس ضيوفًا عند الشهيد القائد في منزله بمران، وفي اليوم التالي وعند إياب ضيوفه إلى منطقة الرقة؛ أعطاهم الشهيدُ القائد -رضوان الله عليه- قبل أن يسافروا كيساً فيه خبزٌ، وطلب منهم عند مرورهم من وادي ليه أن يعطوه لتلك الأسماك التي كانت في الحفرة التي وضع قدميه فيها؛ لأَنَّها جائعة.

لم ينسَ الشهيد القائد “رضوان الله عليه” أمرَ أسماك جائعةٍ على رغم السفر، ومرور يوم كامل، مما يدل على أنها كانت حاضرةً في ذهنه، وكان مهتماً بها.

ومن مظاهر إحسانه وسماحته: أنه عندما صدمت سيارةٌ أحدَ أبنائه بجوارِ منزله بصنعاء، فهمَّ الأهالي بعد الحادث مباشرةً بإمساك صاحب السيارة، وفور وصولِ الشهيد القائد؛ سأل عن صاحب السيارة؛ فدله الأهالي عليه فسامحه، وقال له: لتمضِ في حال سبيلك.. وهذا –أعتقد- قبل إسعاف ولده.

هذه بعضُ حكايات إحسانه وسماحته، وَإذَا جئنا إلى الحديث عن شجاعته فحدث ولا حرج، فانطلاقة الشعار من فمه وتحَرّكه في المشروع في تلك الأيّام دليل واضح على مستوى الشجاعة.

أطلق الشعار في وجه أمريكا وإسرائيل في مرحلة كممت فيها الأفواه، وخيم عليها الصمت، فلا أحد يجرؤ أن ينطق ببنت شفة في وجه أمريكا وإسرائيل، ولكنه رغم سكوت العالم تكلم، فكان موقفه هو ومن تحَرّك تحت لوائه كموقف أصحاب الكهف {وَرَبَطنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِم إِذ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضِ}؛ فربط الله على قلوبهم، وزادهم إيمانًا إلى إيمانهم، وهدى بعد هتافهم.

وهنا نذكرُ بعضَ المواقفِ التي تدلل على الشجاعة المقترنة بالهدوء والرزانة، ما حدث في مناسبة الولاية للعام 1418 هجرية، إذ حضر المناسبةَ مع جمعٍ غفيرٍ من الناس لإقامة المناسبة في منطقه (المرازم)، وهناك في ساحة المناسبة ومع دخول الناس حصل إطلاق رصاص كثيف من جهة مجهولة باتّجاه الشهيد القائد، فاستشهد اثنان من مرافقيه كانوا خلفه تماماً، وجرح البعض، وخاف الكثيرُ، وولى هاربًا من الساحة الكثيرُ من الحاضرين، إلا أن الشهيد القائد لم يكترث بما حصل، وواصل السير صوب المنصة المعدة للاحتفال وصعد عليها ليتحدث إلى الناس ويهدئهم حتى عادوا إليه، وأقيم الاحتفال رغم ما حصلَ، وبكل شجاعةٍ وهدوءٍ!

إن هذه المواقفَ وغيرَها مما حدث، خُصُوصاً ما حدث في أَيَّـام الحرب الأولى من مواقفَ شجاعة، ومواقف تدلل على قوة الإيمان، وعلى قوة النفسية التي صنعها القرآن الكريم، إن كُـلّ هذه المواقف غيرُ غريبةٍ على علمٍ من أعلام الهدى، من أهل بيت رسول الله، غير غريبة على رجلٍ جده عليُ بن أبي طالب، من قال عندما ضربه ابن ملجمٍ “لعنه الله”: (فزت ورب الكعبة)، من كان يقول: (والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل الرضيع بثدي أمه).

 

– ما هي منطلقات المشروع القرآني ومقوماته؟

انطلق المشروعُ القرآني من واقع الشعور بالمسؤولية تجاه الأُمَّــة التي تستهدف في كُـلّ المجالات، وتعاني على كُـلّ المستويات، وتظلم وتقهرُ في عدةِ شعوب، وتنهبُ ثرواتها وتعيشُ حالةً من الجهل، وحالةً من الضعة والضعف، وذلك كله؛ بسَببِ ابتعادها عن كتاب الله، وتفرقها وشتاتها.

كان الشهيدُ القائد “رضوان الله عليه” يدركُ أن ما أوصل الأُمَّــة إلى ما وصلت إليه هو: عدمُ ثقةٍ بالله؛ بسَببِ قلة معرفته، وابتعادُ عن الثقلينِ كتابِ الله وعترةِ رسول الله أَدَّى إلى خوفها من غير الله، وتثقُّفِها بغير كتاب الله، وتوليها لأعلامٍ غير أعلام الهدى من آل بيت رسول الله؛ فتفرقت وتشتت، وتحولت إلى طوائف وأحزاب فتنازعت ففشلت في كُـلّ المجالات، وكان الحل والمخرج للأُمَّـة يتمثل في أن تعودَ الأُمَّــة إلى الله، تتزود معرفةً بالله؛ لتزداد ثقةً به “سبحانه وتعالى”، وتعود إلى القرآن الكريم ككتابٍ عمليٍ، وكتابٍ عظيم واسعٍ يجعل الأُمَّــة، كما قال السيد حسين “رضوان الله عليه” (القرآن كتاب عظيم كتاب واسع، ثقافته عاليةٌ جِـدًّا، عاليةٌ جِـدًّا تجعل هذه الأُمَّــة -لو تثقفت بثقافته- أعظم ثقافةً، وأكثر إنجازاً، وأعظم آثارًا في الحياة، وأسمى روحًا، وأسمى وضعيةً، وأزكى وأطهر نفوسًا من أية أُمَّـة أُخرى).

وتعود إلى قرناء القرآن لتهتدي بالقرآن كما قال السيد حسين “رضوان الله عليه”: (ليعُد الناسُ إلى القرآن الكريم من خلال تدبر آياته، ومن طريق قرناء القرآن الذين أرشد إليهم الرسول (صلى الله وعلى آله وسلم) في حديثِ الثقلين: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدًا كتاب الله وعترتي أهل بيتي)))، -طبعاً هذا الحديث هو في ملزمةِ يومِ القدس العالمي وهو يتحدث عن الحل والمخرج لهذه الأُمَّــة من مشكلتها ومصيبتها- واتجه “رضوان الله عليه” ليدعوَ الأُمَّــة أَيْـضاً إلى متطلبات المواجهة لأهل الكتاب بعد حديث على ضوء آيات القرآن الكريم عن خطرهم وعداوتهم للأُمَّـة وشدة كراهيتهم للذين آمنوا واتجه ليدعو الأُمَّــة إلى عوامل النصر في مواجهة أهل الكتاب، ومقومات النجاح للتغلب عليهم على ضوء آيات من سورة آل عمران.

انطلق المشروع القرآني؛ مِن أجل الله سبحانه وتعالى، خدمة للبشرية وعملاً على إسعادها، ومنذ اليوم الأول فيه كان المشروع معتمدًا على الله متوكلًا عليه، وعلى أعلام الهدى قادةً وقُدوة، وعلى كتاب الله منهجاً، وعلى أُمَّـة تحَرّكت فيه تجود بالأرواح والأموال لينهض المشروع كما يريد الله.

انطلق المشروع القرآني ليكسر حاجز الصمت في زمن قال فيه الأمريكي: (من لم يكن معنا فهو ضدنا)، وليقول لأعداء الله أن الدين لم يمت، وأن في الأرض عبيدًا لله يرفضون الخضوع لغيره ولا يخافون إلا منه، انطلق المشروع ليعيد للأُمَّـة الأمل في النصر والطموح في التغيير، والشعور بضعف العدوّ، والإحساس بقوة الإيمَـان.

 

– ما هو تفسيرُكم لقول الشهيد القائد: (نحن لم نأتِ بجديد وإنما نشكو من الجديد)؟

الشهيد القائد تحَرّك بالقرآن، يدعو إلى الله من خلال القرآن، ويشد إلى الله من خلال القرآن، وكان يقدم القرآن كثقافةٍ تمثل الحل الوحيد للأُمَّـة، لبنائها وتطورها، وقوتها في مواجهة أعدائها.

حركة الشهيد القائد بالقرآن وَدعوته إلى القرآن أتت في مرحلة كُـلّ من يتحَرّك فيها باسم الدين يدعو إلى كتب أُخرى، ويقدم أشخاصاً آخرين بعيدًا عن القرآن وبعيدًا عن الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- وبعيدًا عن قرناء القرآن، كُـلّ يفكرُ في مشروعٍ يأتي به ويشد الناس إلى أشياء يجتهدها ما أنزل الله بها من سلطان، وكلٌّ يدّعي أنه الحق!

في هذه المرحلة والكلُّ يقدمُ نفسَه وَيدعو إلى كتبٍ وأشخاص بعيدًا عن الله ورسوله قدم الشهيد القائد القرآن الكريم وشد الناس إلى الله تعالى وقال: (نحن لم نأتِ بجديد وإنما نشكو من الجديد)، وقال “رضوان الله عليه”: (نحن ما نقوله ليس اجتهادًا، أنا شخصيًّا لا أجتهد) ثم قال: (دائماً أقول: كُـلّ ما نقدمه للناس ليس بجديد، كُـلّ ما نقدمه للناس من صريح القرآن الكريم، ومن صريح أقوال الرسول (صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ) ومن صريح أقوال أئمة أهل البيت القدامى، ومن صريح الواقع الذي كشف لنا خطأ كثير من القواعد التي ينشغل بها الآخرون)، وما قدمه الشهيد القائد هو الشيء الذي قدمه الرسول وقدمه أعلام الهدى في مختلف الأزمنة، وهو الوحيد الذي يمثل حلاً للأُمَّـة، ويمكن أن يوحد الأُمَّــة؛ لأَنَّ ما فرق الأُمَّــة وأضعفها الدعوات إلى أشياء بعيدةٍ عن القرآن وعن الرسول (صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ) الرسول بشخصيته الحقيقية كما قدمه القرآن.

 

– كيف تصفون المرحلة التي ظهر فيها هذا المشروع؟

ما قبل المشروع القرآني وفي بدايات انطلاقته مرحلة حاولت أمريكا أن تعّبدَ البشر لها، وأن تدخل الجميع في قاموس اتّباعها، تتحكم في ثروات الأمم، وتجرم وتفسد، وتقدم نفسها للعالم أنها المنقذُ والمخلص، بعكس ما قدمه القرآن من توضيح لخطورتهم وشدة عداوتهم للأُمَّـة الإسلامية.

الوضع العام للأُمَّـة العربية والإسلامية سيئٌ في جميع المجالات وعلى كُـلّ المستويات، على المستوى الاجتماعي: الفرقة والشتات في أوساط الأمَّة فرقة بشكل مذاهب وطوائفَ وأحزاب تسببت في كثيرٍ من النزاعات والمشاكل الداخلية.

على المستوى الاقتصادي: كُـلّ خيرات الشعوب، تصب في جيوب اليهود.

على المستوى العسكري والأمني: تصنع أمريكا الإرهاب وتصدره للدول الإسلامية لنشر الفوضى والقلق الأمني، ثم تدخل أمريكا إلى الدول لتحتلها باسم (مكافحة الإرهاب) فتقتل الناس، وتنتهك سيادة الدول، وتنتهك الأعراض، وتفسد في الأرض كما حصل في عدة دول بحق عدة شعوب، القتل والظلم من قبل أمريكا وإسرائيل في فلسطين، وفي لبنان، وفي العراق وأفغانستان، وَأَيْـضاً ما حصل ويحصل في سوريا، وليبيا، والبحرين واليمن الأمريكيون والإسرائيليون وراءه وهم الدافعون إليه والداعمون له.

على المستوى الأخلاقي: فسادٌ ينتشر في الأوساط الإسلامية، مراقص وخمور، وانحلال أخلاقي لدرجة أن المرأة العربية المسلمة -في عدة دول إسلامية- لا تفرق بينها وبين المرأة الأُورُوبية في اللبس والمظهر، والمضمون والجوهر، بالإضافة إلى الفساد في جوانب أُخرى، مثل: الربا وغير ذلك من أنواع الفساد الذي تدعمه أمريكا وإسرائيل، وتعمل على نشره.

ازداد الوضع سوءًا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بعد حادث تفجير البرجين المفتعل في نيويورك، الذي كان ذريعة لإعلان حرب صليبية طويلة الأمد بعيدة المدى ضد المسلمين وبشكل واضح وعلني، كممت الأفواه وانتشر الرعب في أوساط المسلمين، وأمريكا تصول وتجول في البلاد الإسلامية تحت عناوين ومبرّرات، تقتل أمريكا من تريد قتله وتعتقل الأنظمة العربية خُصُوصاً من تريد أمريكا اعتقالَه، حتى تحولت الأنظمة العربية إلى أقسام شرطة، وإلى جنود لخدمة أمريكا، لتنفيذ أوامرها، يرتكبون الجرائم بحق شعوبهم لإرضائها، وصل الحال إلى أن قال جورج بوش (من لم يكن معنا فهو ضدنا) بمعنى أنه يجب أن ينطلق الجميع جنودًا لنا، ومن لم يتحَرّك معنا فسنحاربه، في ظل هذه الوضعية وظل هذه الظروف انطلق المشروع القرآني وانطلق الشعار ليقول لأمريكا المستكبرة: الله هو الأكبر، وأنتم الشيطان الأكبر، الموت لكم.

 

– ما هي المعوقات والمؤامرات التي واجهة المشروع القرآني؟

بالنسبة للمعوقات والمؤامرات، لم يكن هناك معوقات مانعة للمشروع القرآني، ولكن كانت هناك عقبات ومؤامرات تجاوزها المشروعُ وتغلبَ عليها، وانتصر في مواجهةِ كُـلّ المؤامرات، والفضلُ والمِنَّةُ لله تعالى.

من العقبات التي كانت موجودة خُصُوصاً في بداية انطلاقة هذا المشروع التالي:

أولاً: عمالة النظام مع أمريكا وتحَرّكه لخدمتها، وعمله الدؤوب على مواجهة المشروع وحملته من خلال الحرب الإعلامية والثقافية، ومن خلال الاعتقالات والسجون، ومن خلال الحروب والقتل لأبناء هذا المشروع، أَيْـضاً من خلال الأشياء التي ترافقت مع الحرب من حصار وغير ذلك..

ثانياً: تفرق المجتمع وشتاته وتأثره بثقافةٍ حديثةٍ بعيدة عن القرآن نشرتها الوهَّـابيةُ في اليمن.

ثالثًا: الخوف الذي شاع في النفوس من أمريكا وجيوشها وسجونها خَاصَّة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر مما جعل الناس يتخوفون من اتِّخاذ الموقف في بداية المشروع ضد أمريكا وضد إسرائيل، يعني: كان البعض يتخوف من الهتاف حتى بالشعار.

رابعاً: الوضع المادي في بداية المشروع كان صفرًا بالإضافة إلى الوضع العسكري في الحروب وفي الحروب الست خَاصَّة، إذ كان المشروع في تلك الأيّام يفتقد إلى أبسط المقومات المادية والعسكرية؛ ولكنَّ اللهَ غالبٌ على أمره قاهرٌ فوق عباده على كُـلّ شيءٍ قدير، كتب الله لهذا المشروع الانتصار فانتصر رغم كُـلّ الظروف والمعوقات والمؤامرات.

 

– البعض يصنف المشروع القرآني ما بين السياسي والثقافي ما تعليقكم على ذلك؟

المشروع القرآني انطلق على أَسَاس القرآن، والقرآن كتاب واسعٌ يهدي للتي هي أقوم في كُـلّ المجالات، ويستوعب كُـلّ المجالات، قال الله “تعالى”: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)، هو بحرٌ كما قال الإمام علي “عليه السلام” (بحر لا يدرك قعره) فالمشروع يتحَرّك بالقرآن، وأبناء المشروع يعملون على أن يتفهموا القرآن الكريم على أَسَاس قول الله: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)، وينطلقون على أَسَاسه ليمثلوا شاهدًا على عظمته في واقعهم العملي، وَيعملون على تقديم القرآن للناس، والمشروع القرآني واسع بسعة القرآن، والحركة فيه واسعه تشمل كُـلّ المجالات: المجال الثقافي، والمجال الإعلامي والمجال الأمني، وكلّ المجالات.

 

– استبق السيد حسين تحَرّكه العملي بإطلاقه الصرخة في وجه المستكبرين.. ما قيمة ذلك؟

الشعار يعبئ الأُمَّــة سخطًا، ويذكر الأُمَّــة أن اليهود والنصارى ملعونون، فبمُجَـرّد أن يسمع الإنسان هذا الشعار وعند عودته إلى القرآن الكريم يتأثر بتلك الآيات التي تتحدث عن اليهود والنصارى وعن خطورتهم.

ما يتركه الشعار من أثر في النفوس، أنه يعبئ النفوس سخطًا على اليهود والنصارى، ويحصن الأُمَّــة من الانجرار وراء دعواتهم وإن كانت براقةً؛ باعتبارها دعوات من أعداء كما قدمهم القرآن الكريم، أَيْـضاً الشعار يمثل سلاحاً وموقفاً في مواجهة أعداء الله، يمثل موقفًا مما يرتكبونه من جرائم بحق أبناء الإسلام وديننا يحتم علينا أن يكون لنا موقف، ويمثل سلاحًا أَيْـضاً؛ لأَنَّ اليهود والنصارى يخافون من السخط، يريدون أن يحتلوا البلدان والشعوب راضية عنهم، ولذلك قال السيد حسين “رضوان الله عليه” (لو صرخ اليمنيون في أسبوع واحد لحوّلت أمريكا كُـلّ منطقها، ولعدّلت كُـلّ منطقها، ولأعفت اليمن عن أن يكون فيه إرهابيون).

قد يكون في علم الله لو صرخ أبناءُ هذا الشعب في بداية المشروع بشكل جماهيري وكبير لَمَا حدث ما حدث من حروب وحصار وسقوط شهداء؛ فالشعارُ سلاحٌ مؤثرٌ على أعداء الله، ودليلُ التأثير عليهم زياراتُ الأمريكيين إلى اليمن في بداية انطلاقة هذا المشروع، وفي بداية انتشار هذا الشعار، أَيْـضاً دليلُ هذا التأثير زيارة السفير الأمريكي إلى صعدة وقوله للمحافظ آنذاك أَو أمره للمحافظ في صعدة تلك الأيّام بأن يمسحوا عبارات الشعار وأن يقلعوا ملصقات الشعار، ودليل التأثير اعتقالهم للمكبرين الذين يهتفون بالشعار.

الشعار كشف للناس أنه مؤثر من خلال عمل الأمريكيين ضده، وقلقهم منه، وعملهم على محوه، وعملهم على سجن من يهتف به، وَأَيْـضاً الشعار كشف للناس أن أمريكا فعلاً موجودة في اليمن وأن أمريكا هي من تدير الأمور، وكان ذلك جليًّا في عمليات الاعتقال والسجن؛ لأَنَّ الشهيد القائد كان يتحدث عن خطورة أمريكا وله محاضرة بعنوان “خطر دخول أمريكا اليمن” ولكن الناس لم يكونوا يتفهمون ذلك الحديث في تلك الأيّام، وعندما بدأ الهُتاف بالشعار وألقي القبض على من يهتفون بالشعار أثبت المعتقلون أن أمريكا هي من تديرهم ولذلك اتجهوا لمحاربة من يمكن أن يجرح مشارع أمريكا.

المكبِّرون عند اعتقالهم كشفوا للناس أن أمريكا هي من تدير الأمور؛ لأَنَّهم لم يقولوا آنذاك: الموت للنظام، ولا الموت لزعيم اليمن؛ بل قالوا الموت لأمريكا فاتجهوا لإلقاء القبض عليهم خدمة لأمريكا التي كانت موجودة وتدير الأمور في اليمن.

الشعار أَيْـضاً بين حقيقة أُولئك الوهَّـابيين الذين كانوا يدعون إلى الجهاد في أفغانستان ويحشدون الشباب من اليمن إلى أفغانستان للقتال هناك حتى بدأ الهتاف بالشعار فانزعجوا منه وحاربوه كانزعَـاج الأمريكيين منه وكحرب الأمريكيين له، وهذا دليلٌ كشفهم وبين زيف دعواتهم إلى الجهاد، واتضح للناس أن جهادَهم كان في سبيل أمريكا، أما في مواجهة أمريكا أَو إسرائيل فسيحاربون من يفكر في جرح مشاعر اليهود أَو في التأليب عليهم، وما عملته السعوديّة وعلماء السعوديّة الوهَّـابيين لإسرائيل، من ثناء عليهم، وفتح للعلاقات بشكل علني معهم دليل على زيف ادعائهم للإسلام، لكن الشعار هو من كشف زيفهم لنا.

المتبقي في المقطع الصوتي

 

 

– تحَرّك الشهيد القائد “ع” أيقظ حكام البيت الأبيض وجعلهم يهرولون للنيل منه، لماذا؟

حكّامُ البيت الأبيض يهود، واليهودُ أصحابُ خِبرةٍ دينية؛ ولذلك يسعون لإفساد الناس وفصلهم عن كتاب الله؛ لعلمهم أن الأُمَّــة الإسلامية إن فسدت وانفصلت عن الله وكتابه فلن تقوم لها قائمة، وسيطيب لهم احتلالها بكل هدوء، ونهب ثرواتها بدون متاعب، ويعتبرون أن الخطر الذي يهدّدهم ويهدّد مصالحهم عودة الأُمَّــة إلى كتاب الله وإلى الله سبحانه وتعالى، وكانوا واثقين أن من يتحَرّك باسم الدين في هذه المرحلة هم بعيدون عن الدين، ولم يكونوا قلقين من أية حركات بعيدة عن الله والقرآن، أَو حركات فيها ثقافة مغلوطة أَو دعوة إلى أشياء غير صحيحة، أطلق الشهيد القائد هذا المشروع وبدأ يتحدثُ من القرآن ويشد الناس إليه، ومباشرةً شعر الأمريكيون بخطر محدق بهم من خلال الصوت الذي صدح من جبال مران داعياً الأُمَّــة إلى القرآن، ومقدمًا للأُمَّـة ثقافة القرآن التي إن تثقفت بها الأُمَّــة فسوف تتوحد وتعتصم بحبل الله وتبتني وتتطور وتخرج من حالة الضعة والذل ولن تقبل بالاستسلام، فما إن عرفوا أحقية هذا المشروع، وقرآنية هذا المشروع، ومصداقية قيادته التي لا يوجد لديها رغبات ولا مطامع ولا عشق لمنصب ولا غير ذلك، عرفوا أن هذا المشروع سيبني الأُمَّــة، سيغيّر الواقع، سيقلب الدنيا رأسًا على عقب على رؤوس الأمريكيين والإسرائيليين ولذلك ومنذ اليوم الأول لحركة المشروع اتجهوا لحربه وعملوا على استئصاله والقضاء عليه، دعموا النظام ودفعوا به إلى حرب المشروع، استهدفوا قائد المشروع الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين، وحاولوا بكل جهودهم بتعاون وتكاتف؛ مِن أجل أن يقضوا على المشروع ولكن مكروا ومكر الله والله خير الماكرين.

هرولة حكام البيت الأبيض ومحاولتهم للقضاء على هذا المشروع؛ لأَنَّه هو المشروع الحق الوحيد الذي يدعو إلى ما يهدي الأُمَّــة لكي تخرج من وضعها المأساوي والخطير عليها، أما بقية الدعوات، أحزاب هنا وهناك، ومذاهب هنا وهناك، فأمريكا تعرف أنها لن تكون مؤثرة ولذلك هي لا تبالي بها، بل قد تكون أمريكا هي من تدعم بعضها، وتقف إلى جانب بعضها.

 

– كيف استطاع الشهيد القائد بناء شعب كسر العصا الغليظة لأمريكا وإسرائيل؟

ركّز الشهيدُ القائدُ في بداية المشروع على معرفة الله، على شد الناس إلى الله، على تعريفهم بالله وله سلسلة دروس “معرفة الله” المكونة من خمسة عشر درسًا والتي تحدّث فيها عن معرفة الله- معنى لا إله إلا الله، معرفة الله- الثقة بالله، ثم معرفة الله- نعم الله، ثم معرفة الله- عظمة الله، ثم معرفة الله- وعده ووعيده، المعرفة هذه التي يريدها الشهيد القائد -رضوان الله عليه- هي المعرفة التي تتجلى في واقع الإنسان خوفًا من الله ورغبةً فيما عنده، وحبًّا له وثقة به واستجابة لهُ في كُـلّ الميادين، هذه هي المعرفة التي لها أثر في الواقع في حياة الإنسان، يقول الشهيد القائد -رضوان الله عليه-: “لو كنا نعلم أنه لا إله إلا هو لانطلقنا في هذه الدنيا صواريخ، لا أحد يوقفنا أبدًا، ولا أحد يخيفنا أبدًا، ولا أحد يخدعنا أبدًا، ولا أحد يستطيع أن يضلّنا أبدًا، ولا أحد يستطيع أن يقهرنا أبدًا”، هكذا عمل الشهيد القائد، وهكذا قدم دروس معرفة الله سبحانه وتعالى؛ باعتبار أنك إذَا عرفت الله حق المعرفة، ووثقت به فلا أحد يستطيع أن يخدعك أَو يوقفك أَو يخوّفك، ولا أحد يستطيع أن يستقطبك إلى جانبه، لا ترغيبًا ولا ترهيبًا.

عمل الشهيد القائد على تعزيز الثقة بالله لكي يثق الناس بوعوده التي قال فيها:﴿وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ ﴿إِن يَنصُركُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُم﴾، ووضّح للناس أن الزعماء الذين يرونهم عصًا غليظةً يخافون منهم، وأن الزعماء الذين يخافون من أمريكا فيرونها عصًا غليظةً، الله تعالى قال عن أمريكا عن إسرائيل وهم يهود ونصارى: ﴿لَن يَضُرُّوكُم إِلَّا أَذى، وَإِن يُقَٰتِلُوكُم يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ﴾، أي أن هؤلاء في الواقع ليسوا عصًا غليظة، هؤلاء قشّة حتى وإن خوّفوكم وهدّدوكم وإن دخلوا في حربٍ معكم لن ينتصروا عليكم، لن يضروكم إلا أذىً، وهذا الكلام الذي قدّمه الشهيد القائد على ضوء آيات القرآن الكريم كان في زمنٍ ومرحلةٍ الناس يرون أمريكا عصًا غليظةً بما لديها من جيوش ومعتقلات وسجون أنه لا يستطيع أحد أن يتحَرّك في مواجهتهم، وكذلك الناس البسطاء يرون الزعماء؛ باعتبار علاقتهم مع أمريكا وجيوشهم وسجونهم وتحَرّكهم إلى جانب أمريكا فلم يكن أحد يجرؤ أن يتكلم على أمريكا، بالموت لأمريكا.

مما قاله الشهيد القائد في هذا الإطار قال: إن الحرية لا تأتي من خلال العبارات، الحرية تتمثل في عبوديتنا لله -سبحانه وتعالى-، العبودية التي تجعلنا أعزّاء على الكافرين، وأذلاء على المؤمنين، هناك الحرية التي تجعلنا نضرب أمريكا وإسرائيل بيدٍ من حديد، وننظر إلى أمريكا وإسرائيل كقشة وليس عصًا غليظة، فأصبح الناس بعد هذه الثقافة وهذا الطرح يرون أمريكا وإسرائيل قشة، أصبح الناس في اليمن يصرخون بكل ما أوتوا من قوة ولا تهتز في طفل منهم شعرة خوفًا من أمريكا وإسرائيل، أصبحوا يرون أمريكا وإسرائيل بنظرة القرآن، وعين القرآن التي تنظر لهم أنهم أعداء وأنهم حاقدون ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن أَهلِ الكِتَٰبِ وَلَا المُشرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيكُم مِّن خَير مِّن رَّبِّكُم، وَاللَّهُ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشَآءُ، وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ﴾، فالناس لم يعودوا يصدقون دعايات الأمريكيين وتقديمهم لأنفسهم أنهم مخلصون ومنقذون وحريصون على الأُمَّــة ورحيمون بها، لم يعد الناس يخافونهم أَو يصدقونهم؛ لأَنَّ النظرة أصبحت إلى ما لديهم من قوة عسكرية واقتصادية هي نظرة القرآن التي توضّحها الآية: ﴿لَن يَضُرُّوكُم إِلَّا أَذى، وَإِن يُقَٰتِلُوكُم يُوَلُّوكُمُ الأَدبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ﴾، بهذه الثقافة والرؤية القرآنية لليهود والنصارى، لأمريكا وإسرائيل، لعملائهم من الزعماء ومن ينخرط في مستنقع ولايتهم من الجيوش وقادتهم، يصبحون عبارة عن قشّة لا يضرّون، ولذلك ثار هذا الشعب وتحَرّك في وجه النظام العميل، والسلطة العميلة، والأمريكيين الذين كان لهم وجودٌ في اليمن، كان السفير الأمريكي ما قبل ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر هو من يدير الأمور، من يلتقي بالوزراء، عدّلوا المناهج، هم من كانوا يحدّدون نوع الخطاب في المنابر، وفعلوا ما فعلوا بانتهاك سيادة البلد حتى أصبحت الطائرات الأمريكية تصول وتجول وتضرب أينما تشاء دون محاسبة ومراقبة، مع ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر فشلت كُـلّ المخطّطات وانسحب الأمريكي من صنعاء يجرُّ أذيال الخيبة لاحتلال هذا البلد؛ لأَنَّ أبناء هذا البلد عندما تثقفوا بثقافة القرآن أصبحوا لا يخافون شيئاً حتى أمريكا فكسرت العصا الغليظة.

 

– ما الرابط بين العدوان على اليمن والمشروع القرآني؟

ما بعد المشروع القرآني أصبح الشعب اليمني مختلفًا عما كان عليه من قبل، أصبح قويًا ومتحدًا وصُلبًا في مواجهة التحديات بكل ثقة بالله وبنصره، وثقة بضعف العدوّ ووهنه، شُن العدوان على هذا الشعب بحجم السخط في قلوب الأمريكيين على المشروع القرآني، وعلى الشعب الذي تأثر بالمشروع ورفض مشروع الاحتلال الأمريكي وهيمنته، هذا العدوان أتى بعد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، طبعاً كان هناك ثورات في مختلف الشعوب العربية، ولكن معظم هذه الثورات استطاع الأمريكي احتوائها والالتفاف عليها ونهب مخرجاتها، أما ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر فقد حاول الالتفاف عليها لكنّه فشل؛ لأَنَّها ثورة شعبٍ ارتبط بالله وبأعلام الهدى، يرغب فيما عند الله ويخافه وحده، ويؤمن بكلام الله في القرآن الذي يتحدث عن خطر أهل الكتاب وعن سوئهم وقبحهم وإفسادهم للبشر، وسوء نظرتهم للعرب، لم يستطع الأمريكي الالتفاف على هذه الثورة؛ لأَنَّها ثورة قادها أعلامٌ ليس لديهم توجّـهات معنوية ومالية، ثورةٌ تكللت بالنصر ونجحت بفضل الله تعالى والمشروع القرآني الذي فيه من أبنائه من قدموا آلاف الشهداء وبفضل الدماء الزكية انتصرت الثورة، وفشل العدوّ الأمريكي في احتوائها وخرج منهزمًا مذعورًا قلقًا وشن هذا العدوان؛ بسَببِ هذا الانتصار والنجاح وهو يعلم أن العامل الأَسَاس والهام الذي أسهم في النجاح هو “المشروع القرآني” بمنهجه وأعلامه وقادته وأمته التي حملتهُ سلوكًا وضحّت؛ مِن أجل أن يتقدّم للقضاء على المفسدين وتحرير المستضعفين، وشن هذا العدوان بحجم الكُرة الأمريكي لهذا الشعب كما يقول المثل: “حجر الذليل كبيرة” فكان العدوان حجرةً كبيرة بيد ذليلٍ حاول القضاء على شعبنا ومشروعه بضربات وجرائم شتّى وفشل في الماضي، وسيفشل في المستقبل والنصر حليف الإيمان، والإيمان يمان والحكمة يمانية.

 

– كيف تفسّرون صمود شعبنا في وجه العدوان منذ ثمانية أعوام؟

في مواجهة العدوان كما كان الأمرُ منذ انطلاقة المشروع، وفي ظل الحروبِ الستِّ، كان الاعتمادُ أولًا وأخيراً على الله -سُبحانَه وتعالى-، على نصره وتأييده وتوفيقه ومعونته، وفي ظل العدوان اعتمد الشعب على الله، والله تعالى قاهرٌ فوق عباده، على كُـلّ شيءٍ قدير، أراد لهذا الشعب أن يصمد في هذا العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم، أراد لهذا الشعب أن ينتصر في مواجهته فصمد وانتصر في مختلف الميادين، وتقهقر العدوّ على كُـلّ الأصعدة، عسكريًّا واقتصاديًّا وإعلامياً وثقافيًّا، وسيستمر تقهقره بإذن الله تعالى.

العوامل التي أسهمت في صمود شعبنا، أولاً: الاعتماد على الله سبحانه وتعالى، ثانياً: وجود القيادة الحكيمة العظيمة المرتبطة بالله، التي تتحَرّك ليل نهار للتضحية؛ مِن أجل هذا الشعب، ثالثاً: الارتباط الوثيق بالمنهج، بالقرآن الكريم، الذي يجعل من يؤمن به ويتحَرّك على أَسَاسه حكيمًـا ورشيدًا ومؤيدًا ومعززًا بنصر الله ومعونته في واقعه العملي، وما دام الشعب متمسّكًا بهذه العوامل سيبقى صامدًا لا يتأثر بإذن الله تعالى.

 

– استهداف طائرات العدوان لضريح الشهيد القائد “ع” في منطقة مران بمحافظة صعدة في العام 2015م بـ14 غارة، عمّا يعبّر؟

العدوان السعوديّ الأمريكي الإسرائيلي الإماراتي يعرفون أن المشروعَ القرآنيَّ عاملٌ من عوامل النجاح والانتصار؛ لأَنَّه يربط الناسَ بالله وكتابه والقيادة العظيمة، ويحافظُ على اعتصامِ الناس بحبل الله جميعاً ويبعدُهم عن التفرق، ويلملِمُ الصفَّ، يجعلُ من الأُمَّــة تنظُرُ نظرةً واحدةً، وفق المنهج ولها خطة وحركة واحدة واهتمام واحد؛ ولذلك عندما استهدفوا في بداية العدوان عام 2015م مقامَ الشهيد القائد؛ فهذا يدلل أولًا على معرفتهم بالمشروع القرآني وبالشهيد القائد وأثرِه الكبير البالغ في نفوس الشعب اليمني وارتباطهم وتأثرهم به، كقائدٍ وعَلَمٍ من أعلام الهدى قدّم ثقافةً أثَّرت في هذا الشعب، وساعدت على انتصاره، إن استهدافَهم للشهيد القائد محاولةٌ لمحوِ آثاره؛ لكي ينساهُ هذا الشعب، ولكنهم عندما استهدفوه جعلوا من الشعب ينظُرُ إلى الشهيد القائد نظرةَ إعظام أكبرَ مما كان عليه في الماضي، وعرفوا قدرَهُ وعظمتَهُ وأثرَهُ على العدوان؛ ولذلك استهدفوه؛ محاولةً لمحو ذكره وإزالة معالمه وآثره لكي ينساه الناس، ولكن هيهات هيهات أن يُنسى، ارتباط الشعب به ارتباط بقائد ومعلمٍ ومربٍ يؤمن الشعبُ بأن الارتباط به عاملٌ من عوامل الانتصار والبناء والتطور والتحضّر ومن عوامل توحّد الكلمة ولملمة الصف وترك النزاعات والمشاكل الخلافات، كما أن استهدافهم للمقام يدلل على خوفهم من الشهيد القائد ومن مشروعه الذي أسسهُ ومن الثقافة التي قدّمها حتى بعد استشهاده، وهذا دليلٌ واضح على ضعفهم ووهنهم ووهلهم وسقوط نفوسهم، وهم أولياء الشيطان وكيد الشيطان ضعيفًا.

 

– ما دلالة امتداد وتوسع المشروع القرآني؟

المشروع القرآني قام على أَسَاس كتاب الله، والشهيد القائد قال: “نحن لم نأتِ بجديد وإنما نشكو من الجديد”، أتى الشهيد القائد ليجدد المشروع والحركة التي تحَرّك بها محمد صلوات الله عليه وآله، الرسول تحَرّك بالقرآن، والشهيد القائد تحَرّك بالقرآن، والقرآن والرسول لم يكونوا لقرية، الرسول من قريش، من مكة المكرمة، والقرآن تنزّل بلغة العرب على الرسول في مكة والمدينة ولكن لم يكن القرآن ولم يكن الرسول لمكة والمدينة، بل كان رسولًا للعالمين {وَمَا أَرسَلنَٰكَ إِلَّا رَحمَة لِّلعَٰلَمِينَ} (الأنبياء: ١٠٧)، فالقرآن عالمي، والإسلام عالمي، والمشروع القرآني أتى ليجدد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يأتِ بجديد؛ فهو عالميٌّ بعالمية القرآن الكريم وبعالمية الرسول، ويتحَرّك ليقدم ثقافة ليست لشعبٍ أَو لقرية أَو محافظة أَو دولة معينة، ثقافة هي للعالم بكله، ومشروع ومسيرة تتحَرّك في العالم بكله، والهدفُ سامٍ ومقدّس وهو إسعاد البشرية بالثقافة القرآنية العظيمة، والأمَّة الإسلامية بكلها تستهدف من قبل اليهود والنصارى في كُـلّ الأقطار، ظلم وإفساد وجرائم شتى لا ترتكب فقط بحق أبناء الإسلام بل وبحق غيرهم، كما حصل للشعب الياباني وفي فيتنام، وأعمال كثيرة لمحاولة الإفساد.

ولأَنَّ المشروع عالمي يجب أن يكون أصحابه أصحاب نظرة عالمية وتوجّـه عالمي، وهذا المشروع هو من سيكون المحرّر والمنقذ للأُمَّـة في فلسطين وفي عدة مناطق، في البحرين وغيرها، بإذن الله تعالى.

 

– ما هو موقع القضية الفلسطينية في هذا المشروع؟

قضية فلسطين في هذا المشروع هي قضية مركزية ورئيسية لعدة أسباب:

أولًا: المسؤولية تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني، والواجب الذي يفرضه الدين تجاه المستضعفين من عباد الله تعالى، قال الله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ…)، وقال الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-: (من أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس من المسلمين).

ثانيًا: المسؤولية تجاه المقدسات المتعلقة بنا كأمَّة مسلمة، والقدس ثالث الحرمين الشريفين، فإذا لم نتحَرّك؛ مِن أجل تحريره، ولم نعمل لدحر اليهود منه؛ فَــإنَّنا قصرنا في مقدساتنا، وهيئنا الساحة لاحتلال الحرمين الشريفين، واليهود لديهم طموح في احتلال الكعبة المشرفة والمسجد النبوي، ولديهم توجّـه وعمل ظاهرٌ للسيطرة على الحج، واستهداف بينٌ لهذه الأماكن ولهذه المشاعر.

ثالثًا:؛ لأَنَّ اليهودَ غدة سرطانية إذَا لم تستأصل فستتغلغل في جسم الأُمَّــة الإسلامية ولن تتوقف عند حَــدّ، والحل الوحيد في مواجهة أهل الكتاب، في مواجهة الكيان الإسرائيلي المحتلّ هو الاستئصال أَو لن يتوقف هذا الكيان المجرم في تقدمه على الأرض للهيمنة، ولن يتوقف عن أعمال الإفساد.

 

– ما الذي حقّقه المشروع القرآني؟

المشروع القرآني أتى في مرحلة خشعت الأصوات فيها لأمريكا، ولم يعد أحد يجرؤ أن يتكلمَ على أمريكا، بينما أمريكا ليست فقط تسيئ أَو تقول الموت للمسلمين، بل تتجه لإماتة المسلمين فعلاً، والمسلمون واجمون لا يتحَرّكون ولا يتكلمون!

انطلق المشروع فكسر جدار الصمت، وكشف الأقنعة، وبيّن خطورة أمريكا وإسرائيل؛ حتى سقطت هيبة أمريكا وتحولت نظرة الشعوب كعصا غليظة إلى النظرة لها كقشة.

أيضًا من أبرز ما حقّقه المشروع القرآني بالنسبة لليمن، خروج الأمريكيين من اليمن، وبالذات من العاصمة صنعاء، بعد تواجدٍ للسفير الأمريكي وللجنود الأمريكيين، وتحكم في كُـلّ شؤون البلاد، وانتهاك لسيادة البلاد؛ فتحرّرت البلاد من الوصاية الأمريكية، واستقلت اليمن بعد محاولة احتلالها، والتحكم بكل شيءٍ فيها على مستوى المناهج المدرسية، وخطب الجمعة، ومتى تكون إجازة الأسبوع، وغير ذلك.

من الأشياء التي حقّقها المشروع القرآني بالنسبة لنا أن جعل نظرتَنا بعيدةً واهتمامنا بعيداً، أعاد إلينا الشعور بالمسؤولية تجاه القرآن، وتجاه الأعلام، وتجاه الأُمَّــة المظلومة خُصُوصاً فلسطين، وقضية فلسطين.

 

– لو لم يكن المشروع القرآني.. ما البديل حينها؟

المشروع القرآني يمثل ضرورة للأُمَّـة الإسلامية، ولنا بالذات نحن اليمنيين؛ لأَنَّ المشروع أتى في مرحلة تحَرّكت فيها أمريكا في حربٍ وصفها جورج بوش بالحرب الصليبية بعيدة المدى طويلة الأمد، واستهدف في هذا الإطار العراق وأفغانستان ومناطقَ متعددة.

اليمن لم يكن بمنأًى عن المؤامرة وعن توجّـه العدوّ لاحتلاله والهيمنة عليه، وقد توجّـه فعلًا إلى اليمن، وكان له تواجُدٌ في اليمن، وقواعدُ في اليمن، وتحكم في شؤون اليمن بكلها صغيرها وكبيرها، فلولا مَنَّ اللهُ علينا بهذا المشروع لكان البديل تلقائيًا هو المشروع الأمريكي، والمشروع الأمريكي لو نجح في اليمن، فكم سيكون هناك من جرائم وفساد وقتل واغتيالات وظلم وغير ذلك، لو سألنا العراق عما حصل عليه عند دخول الأمريكيين إليه، لأجابنا الصخر الصلب قائلًا: لا وجود لشيءٍ قاسٍ كقسوة الأمريكيين، ولَأجابتنا الوحوشُ الكاسرةُ قائلة: ليست هناك وحشيةٌ كوحشية الأمريكيين.

وعندما نستذكر الجرائم المرتكبة قبل استقرار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر-أي استقرار المشروع القرآني في صنعاء- تتضح جليًّا صورة المشهد التي أرادت أمريكا رسمه في اليمن.

الجرائم التي ارتكبت كثيرة نذكر بعضًا منها، مثل: جريمة مستشفى العُرضي، والوحشية تجاه الناس بشكل عام، وكذلك جريمة جامع بدر والحشحوش، وجريمة ميدان التحرير بحق الثوار، وجريمة السبعين بحق منتسبي قوات الأمن المركزي، وهكذا.

كان يُراد لليمن أن يكون مسرحًا للجرائم من الداخل في كُـلّ الأماكن، في الأسواق والمساجد وغيرها، وأن يكون مسلوبَ السيادة؛ لتفعل أمريكا ما يحلو لها، ولكن مَنَّ الله بالمشروع القرآني؛ فحال بين أمريكا وما تشتهيه.

 

– كلمة أخيرة؟

في نهاية الكلام أوجه رسالةً للأُمَّـة الإسلامية في الداخل والخارج، رسالةٌ وجّهها الشهيد القائد “رضوان الله عليه” للأُمَّـة جمعاء، مفادها التالي:

  1. خطورة الإهمال والتفريط، يقول الشهيد القائد: (إن الفساد ينتشر، إن الحق يضيع، إن الباطل يحكم ليس فقط بجهود أهل الباطل وحدهم، بل بقعود أهل الحق، وأعتقد أن هذا نفسه قد يمثل نسبة سبعين في المِئة من النتائج السيئة) وأن نعرف كما قال “رضوان الله عليه”: (إننا نمثل في قعودنا، في سكوتنا، في صمتنا، في إهمالنا، في حالة اللامبالاة التي نعيشها نمثل سبعين في المِئة من عوامل سيادة الباطل وضياع الحق، من عوامل ظلمنا وقهرنا وإذلالنا لأنفسنا نحن).
  2. ضرورة أن نعرف أن (التفريط إنما هذا منبعُه: يوم أن يسمع الناس الكلام، ويسمعون التوجيهات ويسمعون منطق الحق ثم لا يهتمون ولا يبالون، ولا يعطون كُـلَّ قضية ما تستحقه من الأهميّة)، وَ(أن الجرائم ليست في العادة هي نتيجة عمل طرف واحد فقط، المجرمون من جهة، المضلون من جهة يجنون، والمفرِّطون والمقصِّرون والمتوانون واللائباليون هم أَيْـضاً يجنون من طرفٍ آخر).
  3. إن علينا أن نكون حَذِرِين من التفريط، ومن الإهمال؛ لكي لا نخسر قادتَنا وعظماءَنا؛ لأَنَّ من أعظم نكبات الأُمَّــة، كما قال الشهيد القائد: (من أعظم نكبات الأُمَّــة أن تفقد عظماء كالحسين وعلي وزيد والحسن وأمثالهم من أعلام الهدى، خسارة عظيمة)؛ فيكفينا نتيجة للتفريط أننا خسرنا الشهيد القائد العظيم الحسين بن بدر الدين الحوثي.
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com