محطاتٌ من واقع خطاب السيد عبد الملك الحوثي بذكرى الشهيد القائد..بقلم/  محمد علي الحريشي

 

قرأت اليوم نص خطاب السيد عبد الملك الحوثي قائد الثورة -يحفظه الله- عن الذكرى التاسعة عشرة لاستشهاد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه.

وجدته خطاباً عاماً شاملاً لم يقتصر على الداخل اليمني فحسب، بل موجَّهٌ إلى الأُمَّــة الإسلامية جمعاءَ.

لم يسرد السيد في خطابه عن استشهاد السيد حسين بالكلام والتفاصيل عن حادثة استشهاده وكيف حدثت وما إلى ذلك من سرد قصصي كما هو معتاد في مثل هذه المناسبات الحزينة.

دخل السيد عبد الملك الحوثي في حديثه عن الأسباب التي ارتكز الشهيد -رضوان الله عليه- في مشروعه القرآني ومدى الهجمة التي تتبناها أمريكا والصهيونية في تدمير الإسلام والمسلمين، بعد ما انفردت بالسيطرة على المسرح الدولي، عقب انهيار الاتّحاد السوفيتي وَمن وسط تلك المعمعة واستعار جحيم التوجّـه الأمريكي لمحاربة كُـلّ ما يمت للإسلام بصلة والسيطرة على البلدان والشعوب الإسلامية ونهب ثرواتها واستعباد شعوبها، برز مشروع السيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، القرآني في لحظة تاريخية مفصلية، كادت أمواج الهجمة الأمريكية الصهيونية على العالم الإسلامي أن تصيبه بالطوفان والغرق.

كأن السيد قائد الثورة يوجه خطابه لكافة المسلمين بلداناً وشعوباً يقول لهم فيه: إن مشروع السيد حسين لا يخص اليمن وحدها بل هو مشروع إنقاذ إسلامي شامل، وذلك هو الواقع.

ألقى السيد في خطابه نظرة عامة وشاملة إلى الأطماع الأمريكية والصهيونية وأسهب في تفاصيلها كَثيراً، كأن السيد يقول للشعوب الإسلامية انظروا ماذا تخطط لكم أمريكا وماذا تريد منكم وكيف تدمّـر دينكم وحضارتكم ومستقبلكم.

أمريكا في الحقيقة هي استلمت الدور المعادي للإسلام والمسلمين من بريطانيا عقب الحرب العالمية الثانية.

بريطانيا عندما أصبحت إمبراطورية استعمارية بعد القرن السادس عشر الميلادي، هي من تولت حمل راية الصليب المعادي للإسلام والمسلمين وهي من أنشأت الصهيونية والماسونية، وهي من شجعت ودعمت ظهور التيار الوهَّـابي السلفي والتيار الإخواني لتكون كُـلّ تلك معاول هدم للأُمَّـة الإسلامية ونزع دينها وقرآنها من النفوس ومن واقع الحياة.

تجمعت في قمة السلطة البريطانية كُـلّ عوامل الحقد والعداء للإسلام، مذهباً مسيحياً متشدّداً (المذهب البروتستانتي الإنجليكاني)، طبقة رأسمالية حاكمة كُـلّ همها جمع الأموال والثروات وتكديسها ليتم من خلالها السيطرة والتحكم بالعالم أجمع وفي المقدمة العالم الإسلامي، وفي سبيل ذلك توجّـهت جحافل الصليب البريطاني لاحتلال بلدان العالم وإبادة ملايين السكان الأصليين في الأرض الجديدة “الأمريكيتين”.

«بالمناسبة سميت قارة أمريكا بهذا الاسم نسبة إلى لقب أسرة بريطانية (أمريكو) التي دخلت مع حملات الغزو والاحتلال البريطاني».

السيد تطرق إلى نقطة مهمة في خطابه وهي الأحمدية والبهائية، عندما احتلت بريطانيا الهند وإيران، شجعت أحد عملائها واسمه أحمد ومدته بالمال والدعم، الذي تلقب بـ: (الباب) هو من إيران.

ادعى النبوة أولاً، ثم زعم أن له باباً يوصله إلى ملكوت السموات وأنه يناجي الله، انتشرت الفتنة وتجمع حوله الأتباع، زاد الدعم البريطاني، ثم ادعى الألوهية، لذلك تسمى دعوته بالبابية /نسبة إلى الباب أَو الأحمدية نسبة إلى اسمه، فلما أهلكه الله، حمل راية الضلال والشرك والألحاد من بعده ابنه الذي لقب بالبهاء وسميت دعوته بالبهائية الذي ادّعى الألوهية.

غذت بريطانيا تلك الدعوات الضالة لتدمّـر الإسلام والمسلمين.

أيضاً دعمت بريطانيا ظهور دين جديد في الهند في إقليم كشمير، سمي الدين الجديد (السيخية) وأتباعه بـ السيخ.

نشأت الدعوة بين أوساط المسلمين الكشميريين، بحجّـة الجمع بين أفضل ما في الإسلام من صفات وأفضل ما في الهندوسية من صفات (نفس المخطّط الأمريكي الجديد الإبراهيمية) بحجّـة توحيد الشعب الهندي فالسيخ كانوا مسلمين ومع الأيّام انحرفوا عن الإسلام وأصبحت إلى اليوم إحدى الطوائف الدينية الهندية من الصفات التي تميزهم لا يحلقون الشعر أبداً خَاصَّة الرأس والذقن ويلبسون سواراً في إحدى أيديهم ويلبسون عمامة كبيرة على رؤوسهم مثل العمامة السودانية وهم يقدسون البقر أَيْـضاً مثل الهندوس.

السيد بمقارنته فيما تعمله اليوم أمريكا بمحاولاتها إنشاء ديانة جديدة سموها بالإبراهيمية وتجمع الصفات المشتركة كما يدعون ويزيفون بين الإسلام واليهودية ليكونوا ديانة مشتركة بين الديانتين، نفس ما عملته بريطانيا في القرن الثامن عشر عندما كونت البابية والبهائية والسيخ والماسونية والصهيونية والوهَّـابية.

المستهدف الإسلام والمسلمون، أما اليهود والله ما تنطلي عليهم الفكرة، الهدف الإسلام والمسلمون وخدمة مشاريع التطبيع مع الكيان المحتلّ والهدف طمس القضية الفلسطينية.

ما تقوم به أمريكا اليوم هو نفس ما كانت تقوم به بريطانيا منذ أربعة قرون؛ لأَنَّ كليهما يعتبر الإسلام وكتاب المسلمين القرآن الكريم هو العقبة الوحيدة الذي يهدّد أطماعهم وهيمنتهم الرأس مالية الإمبريالية.

خطاب السيد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله- عام وشامل وكلّ عبارة وجملة منه هي عنوان لمقال طويل.

هناك موجهات كثيرة داخل الخطاب لليمنيين وللأُمَّـة الإسلامية خَاصَّة في الموضوع الاقتصادي الذي ركز عليه السيد، كلها موجهات نركز عليها.

ذكر السيد في خطابة جملة مهمة جِـدًّا فيما يتصل بموضوع المباحثات اليمنية السعوديّة في سلطنة عمان بوساطة عمانية، وهي قوله: ليطمئن الشعب اليمني أن القيادة لن تفرط في «الحرية والكرامة والاستقلال»، هذا كلام مهم موجه إلى أطراف العدوان خَاصَّة السعوديّة وأمريكا وبريطانيا والإمارات، تأكيد السيد على هذا الموضوع مرتبط ارتباطاً مباشراً وبما يدور داخل أروقة الحوار في مسقط، كما نفهم أن السيد قطع على أطراف العدوان أي أمل لهم في الحصول على مطالب غير مشروعة تتقاطع مع استقلال اليمن وحرية وكرامة شعبه، كما ربط السيد الكلام في هذا الموضوع بسرعة الإنجاز في مشروع الحوار وقد دعا السيد صراحة الشعب اليمني إلى الاستعداد للحرب في أية لحظة وأن الفترة الحالية هي فترة حرب، هذه كلها رسائل سياسية موجهة بشكل مباشر لأطراف العدوان وللكلام علاقة بالحوار في سلطنة عمان.

تحديد السيد أن الوقت لن يستمر مفتوحاً إلى ما لا نهاية بدون تحقيق تقدم والوقت المتاح قد ينتهي، أيضاً فيه تحذير واضح لتحالف العدوان؛ مِن أجل الإسراع في تحقيق الحوار.

أمامنا أَيَّـام فاصلة لا تزيد عن ستة وثلاثين يوماً من الوقت الراهن حتى الوصول إلى (يوم 26 مارس القادم) وهو ذكرى يوم الصمود الوطني والذكرى الثامنة للعدوان، نرى إذَا جاء ذلك اليوم قبل التوقيع على اتّفاق ينهي العدوان وينهي الحصار، فالحوار يعتبر ضرباً من العبث وعلى قيادتنا الانسحاب بعد ذلك اليوم فورًا واتِّخاذ ما يحقّق للشعب اليمني حريته وكرامته واستقلاله وطرد المحتلّ من كامل التراب والمياه اليمنية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com