الأمةُ قتلت أعلامَ الهدى كما قتل بنو إسرائيل الأنبياء..بقلم/ عدنان علي الكبسي

 

 

حكى الله سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل الذين منّ الله عليهم بأن جعل فيهم أنبياء، وجعلهم ملوكاً، وآتاهم ما لم يؤتِ أحداً من العالمين، عن أُولئك الذين حظوا برعاية فائقة من قبل الله سبحانه وتعالى، ثم تحولوا إلى مفسدين في أرضه، إلى صادين عن سبيله، فضرب الله عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، وخسف بهم وجعل منهم قردة وخنازير؛ لأَنَّهم رفضوا آيات وأوامر الله وقتلوا الأنبياء، عصوا الله بمخالفة توجيهاته وارتكاب ما نهى الله عنه، واعتدوا على أنبياء الله، وعلى أخيارهم، يقول الله سبحانه وتعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ، ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ).

لنعرف أَيْـضاً بأن الأُمَّــةَ الإسلامية عبر التاريخ الإسلامي في واقع حياتها تأثرت ببني إسرائيل، فرفضت آيات وأوامر الله وأعرضت عنها، وقتلت أعلامَ الهدى من أهل بيت رسول الله، بدايةً من قتل الإمام علي (عليه السلام)، وعصت الأُمَّــة الله بمخالفة توجيهاته وارتكاب ما نهى عنه، واعتدت الأُمَّــة على أعلامها وخيارها، وقتلت الآمرين بالقسط من صحابة رسول الله، وقتلت الآمرين بالقسط من التابعين والعلماء، وبدلًا من أن تقف الأُمَّــة مع الصادقين استجابة لتوجيهات الله القائل في محكم كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).

رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) جعل خيار أهل بيته، جعل الكاملين المطهرين المنزهين من أهل بيته في هذه الأُمَّــة بمنزلة أنبياء بني إسرائيل في بني إسرائيل، وإن لم يكونوا أنبياء، يأمرون بالقسط، يعملون على إقامة العدل، فعندما يقول رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): (علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) بصريح هذا الحديث المتواتر لو كانت نبوة بعد رسول الله محمد بن عبدالله أليست ستكون في الإمام علي؟!، وستبقى ممتدة في الكاملين من أهل البيت، قتلوا أهل بيت رسول الله، قتلوا الإمام علي، وقُتل الإمام الحسن من قبل معاوية بالسم، وقتلوا الحسين، وقتلوا زيدًا، وقتلوا عبد الله بن الحسن، ومحمد بن عبد الله النفس الزكية، وقتلوا الإمام الحسين بن علي الخير بن الحسن بن الحسن بن الإمام الحسن (عليهم السلام)، ويحيى بن عبد الله، وهكذا قتلوا أئمة أهل البيت جيلاً بعد جيل، وشردوهم، وسجنوّهم في سجون لا يدرون لا بالليل ولا بالنهار حتى الموت، وهؤلاء لا زالوا متمسكين بمن قتلهم، يتولونهم، ويسيرون على طريقتهم، ثم يتولون من يتولونه، من بني العباس، من بني أمية، وهم يتولون الذين قاتلوا الإمام علي في معركة الجمل وصفين والنهروان.

واجه أبناء الأُمَّــة وقاتلوا كُـلّ من تحَرّك لينهض بالأمة ويقيم القسط، قاموا للحيلولة دون أن يقوم من هم في هذه الأُمَّــة بمنزلة أنبياء بني إسرائيل، دون أن يقوموا بالقسط في الناس، ويعملون على إعلاء كلمة الله، ويقودون الأُمَّــة إلى، حَيثُ تؤدي مسؤوليتها، إلى حَيثُ تحظى بالشرف، والرفعة، والمكانة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لها إن قبلتها، وسارت وفق الطريقة التي رسمها الله لها، (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ).

بل ظل هذا الاستهداف الممنهج لأعلام أهل البيت عبر التاريخ حتى تاريخنا المعاصر في استهداف وقتل الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- بدون حق، وليس هناك لهم أية شرعية في مواجهة المشروع القرآني وقائدها العظيم.

خرج الشهيد القائد كافرًا بالطاغوت ورأس الطاغوت في هذه المرحلة أمريكا، مؤمنًا ومعتصمًا بالله، بثقة عالية بالله وليعزز ثقة الله في النفوس، رأى التوجّـه الأمريكي الخطير في استهداف الأُمَّــة الإسلامية، ليوجه بالعداء لرأس الشر في مرحلة تسعى الطوائف لتوجّـه العداء إلى داخل الأُمَّــة.

الشهيد القائد تحَرّك وهو يستشعر مسؤوليته كعلم هدى من أهل بيت رسول الله في تغيير الواقع السيء للأُمَّـة، تمسك بوصية جده الإمام علي (صلوات الله عليه) وهو يوصي أبناءه: (الله الله في أُمَّـة جدكم رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ).

رأى الشهيد القائد أن ضياع الأُمَّــة مسؤولية كبيرة على أهل البيت، فتحَرّك بالمشروع القرآني، ولذلك قال: (وإذا ما ضاع أهل البيت ضاعت الأُمَّــة، وضياع الأُمَّــة مسؤولية كبيرة على أهل البيت، هم مسؤولون عن ضياع الأُمَّــة، وضلالها، كلما وجدنا آية فيها شرف لأهل البيت، فَـإنَّها مسؤولية كبيرة أَيْـضاً على أهل البيت، كلما سمعنا حديثاً فيه ذكر بالفضل، والشرف لأهل البيت، فَـإنَّه أَيْـضاً تحميل لمسؤولية كبيرة على أهل البيت).

تحَرّك الشهيد القائد -صلوات الله عليه- وهو يعرف أن تحَرّكه ومشروعه القرآني يحتاج إلى تضحية، ومن أجل إقامة المشروع القرآني لا بُـدَّ أن يكون هو من أول الشهداء، ولهذا قال -عليه السلام- وهو يتحدث عن خطورة المرحلة على الأُمَّــة الإسلامية: (في أوضاع كهذه يجب أن يكون أهل البيت هم أول من يدرك خطورتها، هم أول من يتحَرّك في مواجهتها، أن يكونوا هم أول المجاهدين، أن يكونوا هم أول الشهداء، أن يكونوا هم أول من يبذلون دماءهم وأموالهم في سبيل الله، والمستضعفين).

فسلام الله عليك يا شهيد الأُمَّــة، وسلام الله على دمك الطاهر يا شهيد الحق والعدالة، وألف سلام عليك يا شهيد القرآن، صلوات الله عليك وعلى آبائك أعلام الهدى وأئمة أهل البيت، وسلام الله على شيعتكم الأحرار الأوفياء في كُـلّ زمان ومكان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com